ثمّ الخفّاش بعد ذلك من الحيوان الموصوف بطول العمر، حتى يجوز في ذلك العقاب والورشان إلى النسر، ويجوز حد الفيلة والأسد وحمير الوحش، إلى أعمار الحيّات.
ومن أعاجيب الخفافيش أنّ أبصارها تصلح على طول العمر، ولها صبر على طول فقد الطّعم. فيقال إنّ اللواتي يظهرن في القمر من الخفافيش المسنّات المعمّرات، وإنّ أولادهن إذا بلغن لم تقو أبصارهنّ على ضياء القمر.
ومن أعاجيبها أنها تضخم وتجسم وتقبل الشّحم على الكبر وعلى السنّ.
٩٤٠-[القدرة التناسلية]
وقد زعم صاحب المنطق أنّ الكلاب السلوقيّة كلما دخلت في السنّ كان أقوى لها على المعاظلة.
وهذا غريب جدا، وقد علمنا أنّ الغلام أحدّ ما يكون وأشبق وأنكح وأحرص، عند أوّل بلوغه. ثم لا يزال كذلك حتى يقطعه الكبر أو إصفاء أو تعرض له آفة.
ولا تزال الجارية من لدن إدراكها وبلوغها وحركة شهوتها على شبيه بمقدار واحد من ضعف الإرادة. وكذلك عامّتهنّ. فإذا اكتهلن وبلغت المرأة حدّ النّصف فعند ذلك يقوى عليها سلطان الشّهوة والحرص على الباه، فإنما تهيج الكهلة عند سكون هيج الكهل وعند إدبار شهوته، وكلال حدّه.
٩٤١-[قول النساء في الخفافيش]
وأما قول النساء وأشباه النساء في الخفافيش، فإنهم يزعمون أن الخفاش إذا عضّ الصبي لم ينزع سنه من لحمه حتى يسمع نهيق حمار وحشيّ. فما أنسى فزعي من سنّ الخفاش، ووحشتي من قربه! إيمانا بذلك القول، إلى أن بلغت.
وللنساء وأشباه النساء في هذا وشبهه خرافات، عسى أن نذكر منها شيئا إذا بلغنا إلى موضعه إن شاء الله.
٩٤٢-[ضعف البصر لدى بعض الحيوان]
ومن الطير وذوات الأربع ما يكون فاقد البصر بالليل، ومنها ما يكون سيّء البصر. فأمّا قولهم: إنّه الفأرة والسنّور وأشياء أخر أبصر باللّيل، فهذا باطل.