للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنسان رديء البصر باللّيل، والذي لا يبصر منهم باللّيل تسمّيه الفرس شبكور وتأويله أنّه أعمى ليل [١] ، وليس له في لغة العرب اسم أكثر من أنّه يقال لمن لا يبصر باللّيل بعينه: هدبد. ما سمعت إلّا بهذا، فأمّا الأغطش فإنّه السيّء البصر بالليل والنهار جميعا.

وإذا كانت المرأة مغربة العين فكانت رديّة البصر، قيل لها: جهراء. وأنشد الأصمعيّ في الشاء [٢] : [من الكامل]

جهراء لا تألو إذا هي أظهرت ... بصرا ولا من عيلة تغنيني

وذكروا أنّ الأجهر الذي لا يبصر في الشمس. وقوله «لا تألو» أي لا تستطيع.

وقوله: «أظهرت» صارت في الظهيرة. «والعيلة» : الفقر. قال: يعني به شاة.

وقال يحيى بن منصور، في هجاء بعض آل الصّعق: [من البسيط]

يا ليتني، والمنى ليست بمغنية، ... كيف اقتصاصك من ثأر الأحابيش

أتنكحون مواليهم كما فعلوا ... أم تغمضون كإغماض الخفافيش

وقال أبو الشمقمق، وهو مروان بن محمد [٣] : [من مجزوء الرمل]

أنا بالأهواز محزو ... ن وبالبصرة داري

في بني سعد وسعد ... حيث أهلي وقراري

صرت كالخفاش لا أب ... صر في ضوء النهار

وقال الأخطل التغلبيّ [٤] : [من الطويل]

وقد غبر العجلان حينا إذا بكى ... على الزّاد ألقته الوليدة في الكسر

فيصبح كالخفاش يدلك عينه ... فقبّح من وجه لئيم ومن حجر [٥]

وقالوا: السحاة مقصورة: اسم الخفاش، والجمع سحا كما ترى.


[١] نقل الزمخشري هذا القول في أساس البلاغة (هدب) .
[٢] البيت لأبي العيال الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٤١٥، واللسان والتاج (جهر، ألا) ، والمخصص ٦/١٦٤، وديوان الأدب ٢/٢٦١، وللهذلي في التهذيب ٦/٤٩، ١٥/٤٣٢، والمقاييس ١/١٢٩.
[٣] ديوان أبي الشمقمق ١٣٦.
[٤] ديوان الأخطل ١٨٣، والأول في العين ٥/٣٠٧، والثاني في اللسان والتاج (حجر) .
[٥] حجر: أراد محجر العين. ديوانه ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>