للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضربوا الصّنائع والملوك وأوقدوا ... نارين أشرفتا على النّيران

١٢٥١-[نار الحرّتين]

[١] ونار أخرى، وهي «نار الحرّتين» ، وهي نار خالد بن سنان، أحد بني مخزوم، من بني قطيعة بن عبس. ولم يكن في بني إسماعيل نبيّ قبله. وهو الذي أطفأ الله به نار الحرّتين. وكانت ببلاد بني عبس، فإذا كان اللّيل فهي نار تسطع في السّماء، وكانت طيّئ تنفش [٢] بها إبلها من مسيرة ثلاث، وربّما ندرت منها العنق [٣] فتأتي على كلّ شيء فتحرقه. وإذا كان النهار فإنما هي دخان يفور. فبعث الله خالد بن سنان فاحتفر لها بئرا، ثمّ أدخلها فيها، والنّاس ينظرون؛ ثمّ اقتحم فيها حتى غيّبها.

وسمع بعض القوم وهو يقول: [هلك الرّجل! فقال خالد بن سنان] [٤] : كذب ابن راعية المعز، لأخرجنّ منها وجبيني يندى! فلمّا حضرته الوفاة، قال لقومه: إذا أنا متّ ثمّ دفنتموني، فاحضروني بعد ثلاث؛ فإنّكم ترون عيرا أبتر يطوف بقبري، فإذا رأيتم ذلك فانبشوني؛ فإني أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة. فاجتمعوا لذلك في اليوم الثالث، فلما رأوا العير [٥] وذهبوا ينبشونه، اختلفوا، فصاروا فرقتين، وابنه عبد الله في الفرقة التي أبت أن تنبشه، وهو يقول: لا أفعل! إني إذا أدعى ابن المنبوش! فتركوه.

وقد قدمت ابنته على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فبسط لها رداءه وقال: هذه ابنة نبيّ ضيّعه قومه.

قال: وسمعت سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

فقالت: قد كان أبي يتلو هذه السورة.

والمتكلّمون لا يؤمنون بهذا، ويزعمون أنّ خالدا هذا كان أعرابيّا وبريّا، من أهل شرج وناظرة [٦] ، ولم يبعث الله نبيّا قطّ من الأعراب ولا من الفدّادين [٧] أهل


[١] ثمار القلوب ٤٥٦ (٨٢١) ، وانظر الإصابة ٢٣٥١.
[٢] تنفش: ترعى.
[٣] ندرت: ظهرت وبدت. العنق: القطعة أو الطائفة.
[٤] ما بين المعكوفتين مستدرك من الإصابة ٢٣٥١، وهو ضروري لإتمام المعنى، ولم يرد في ثمار القلوب.
[٥] العير: الحمار الوحشي.
[٦] شرج وناظرة: ماءان لعبس. معجم البلدان (ناظرة) .
[٧] الفدادون: أهل البادية الذين يعيشون في بيوت من وبر الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>