للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو بكر بن أبي قحافة لعائشة، رضي الله عنهما: إنّي كنت نحلتك سبعين وسقا [١] من مالي بالعالية، وإنّك لم تحوزيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هو أخواك وأختاك. قالت: ما أعرف لي أختا غير أسماء. قال: إنّه قد ألقى في روعي أن ذا بطن بنت خارجة جارية.

قال آخرون: لم يعن بذي بطنه ولده، ولكنّ الضّبّ يرمي ما أكل، أي يقيء؛ ثم يرجع فيأكله. فذلك هو ذو بطنه. فشبّهوه في ذلك بالكلب والسّنّور.

وقال عمرو بن مسافر: ما عنى إلا أولاده، فكأنّ خداشا قال: ارجعوا عن الحرب التي لا تستطيعونها، إلى أكل الذّريّة والعيال.

١٧٠٦-[نفي الغنويّ أكل الضبّة أولادها]

قال: وقال أبو سليمان الغنويّ: أبرأ إلى الله تعالى من أن تكون الضّبّة تأكل أولادها! ولكنها تدفنهنّ وتطمّ عليهنّ التّراب، وتتعهدهنّ في كلّ يوم حتّى يخرّجن [٢] ، وذلك في ثلاثة أسابيع. غير أنّ الثّعالب والظّربان والطّير، تحفر عنهنّ فتأكلهنّ. ولو أفلت منهنّ كلّ فراخ الضّباب لملأن الأرض جميعا.

ولو أنّ إنسانا نحل أمّ الدّرداء، أو معاذة العدويّة، أو رابعة القيسيّة، أنهنّ يأكلن أولادهنّ، لما كان عند أحد من النّاس من إنكار ذلك، ومن التكذيب عنهنّ، ومن استعظام هذا القول، أكثر مما قاله أبو سليمان في التّكذيب على الضّباب أن تكون تأكل أولادها.

قال أبو سليمان: ولكن الضبّ يأكل بعره، وهو طيّب عنده. وأنشد [٣] : [من البسيط]

يعود في تيعه حدثان مولده ... فإن أسنّ تغدّى نجوه كلفا

قال: وقال أفّار بن لقيط: التّيع: القيء. ولكنّا رويناه هكذا. إنما قال: «يعود في رجعه» . وكذلك الضّبّ، يأكل رجعه [٤] .


[١] الوسق: الحمل، وكل شيء وسقته فقد حملته، والوسق أيضا: ضم الشيء إلى الشيء.
[٢] التخريج: التعليم والتأديب.
[٣] البيت بلا نسبة في اللسان (ثعع) ، والرواية فيه:
(يعود في ثعّه حدثان مولده ... وإن أسنّ تعدّى غيره كلفا)
[٤] الرجع، الروث والعذرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>