وليس في الطّير أسرع طيرانا منها، لأنها تصاد عندنا بظهر البصرة، فيوجد في حواصلها حبّة الخضراء غضّة طريّة، وبينها وبين مواضع ذلك الحبّ بلاد وبلاد.
ولذلك قال بشر بن مروان «١» ، في قتل عبد الملك عمرو بن سعيد:[من الطويل]
كأنّ بني مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطّير اجتمعن على صقر
٢٠٥٢-[بغاث الطير]
وبغاث الطّير ضعاف الطير وسفلتها من العظام الأبدان، والخشاش مثل ذلك إلا أنها من صغار الطّير، وأنشد أبو عبيدة قول الشاعر «٢» : [من الوافر]
سألت النّاس عن أنس فقالوا ... بأندلس وأندلس بعيد
كأنّي بعد سكن مضرحيّ ... أصاب جناحه عنت شديد
فقد طمعت عتاق الطّير فيه ... وكانت عن عقيرته تحيد «٣»
وقال الذّكوانيّ:[من الوافر]
بغاث الطّير تعرف قانصيها ... وكلّ مكبّد منها لهيد «٤»
يقول: لكلّ جنس من الجوارح ضرب من الصيد، وضرب من الطلب، فالمصيد منها يعرف ذلك، فيجعل المهرب من الآخر، ثم ذلك أنها تعرف الصائد المعتلّ من الصحيح. وهو معنى الخريمي حيث يقول «٥» : [من الطويل]
ويعلم ما يأتي وإن كان طائرا ... ويعلم أقدار الجوارح والبغث
وقوله البغث يريد به جمع أبغث، وقال الأوّل «٦» : [من الوافر]