للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب جملة القول في القرد والخنزير]

وفي تأويل المسخ، وكيف كان، وكيف يمسخ الناس على خلقتهما دون كلّ شيء، وما فيهما من العبرة والمحنة؛ وفي خصالهما المذمومة، وما فيهما من الأمور المحمودة؛ وما الفصل الذي بينهما في النّقص، وفي الفضل، وفي الذمّ وفي الحمد.

٩٧٤-[ذكر الحيوان في القرآن]

وقد ذكر الله عزّ وجلّ في القرآن العنكبوت، والذّرّ والنّمل، والكلب، والحمار، والنّحل، والهدهد، والغراب، والذئب، والفيل والخيل، والبغال، والحمير، والبقر، والبعوض، والمعز، والضأن، والبقرة، والنعجة، والحوت، والنّون. فذكر منها أجناسا، فجعلها مثلا في الذّلّة والضّعف، وفي الوهن، وفي البذاء، والجهل.

وقال الله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها

[١] فقلّلها كما ترى وحقّرها، وضرب بها المثل. وهو مع ذلك جلّ وعلا، لم يمسخ أحدا من حشو أعدائه وعظمائهم بعوضة.

وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

[٢] . إنّما قرّع الطالب في هذا الموضع [٣] بإنكاره وضعفه، إذ عجز ضعفه عن ضعف مطلوب لا شيء أضعف منه، وهو الذباب. ثمّ مع ذلك لم نجده جلّ وعلا، ذكر أنّه مسخ أحدا ذبابا.

وقال: وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ

[٣] فدلّ بوهن بيته على وهن خلقه، فكان هذا القول دليلا على التّصغير والتّقليل. وإنما لم يقل: إنّي مسخت أحدا من أعدائي عنكبوتا.


[١] ٢٦/البقرة: ٢.
[٢] ٧٣/الحج: ٢٢.
[٣] ٤١/العنكبوت: ٢٩، وانظر ثمار القلوب (٦٣٥) ففيه التعليق نفسه الذي أورده الجاحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>