للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنّ أمير المؤمنين أعضّني ... معضّهما بالمرهفات البوارد! [١]

ذريني تجئني ميتتي مطمئنّة ... ولم أتقحّم هول تلك الموارد

فإن كريمات المعالي مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود

١١٤٧-[القول في الحيّات]

وفي التشنيع لحيّات الجبل، يقول اللّعين المنقريّ [٢] ، لرؤبة بن العجّاج: [من البسيط]

إني أنا ابن جلا إن كنت تعرفني ... يا رؤب، والحيّة الصّماء في الجبل

أبا الأراجيز يا ابن اللؤم توعدني ... وفي الأراجيز جلب اللؤم والكسل

الأصمعيّ، قال: حدّثني ابن أبي طرفة. قال [٣] مرّ قوم حجّاج من أهل اليمن مع المساء، برجل من هذيل، يقال له أبو خراش، فسألوه القرى، فقال لهم: هذه قدر، وهذه مسقاة، وبذلك الشّعب ماء! فقالوا: ما وفّيتنا حقّ قرانا! فأخذ القربة فتقلّدها يسقيهم، فنهشته حيّة.

قال أبو إسحاق: بلغني وأنا حدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن اختناث فم القربة، والشرب منه» [٤] . قال: فكنت أقول إنّ لهذا الحديث لشأنا، وما في الشرب من فم قربة حتّى يجيء فيها هذا النهي؟! حتّى قيل: إنّ رجلا شرب من فم قربة، فوكعته حيّة فمات، وإنّ الحيّات تدخل في أفواه القرب، فعلمت أنّ كلّ شيء لا أعرف تأويله من الحديث، أنّ له مذهبا وإن جهلته.

وقال الشاعر في سلخ الحيّة: [من الرجز]

حتّى إذا تابع بين سلخين ... وعاد كالميسم أحماه القين [٥]

أقبل وهو واثق بثنتين: ... بسمّه الرّأس ونهش الرّجلين

قال: كأنه ذهب إلى أنّ سمّه لا يكون قاتلا مجهزا حتّى تأتي عليه سنتان.


[١] المرهفات: السيوف المرققات. البوارد: التي تثبت في الضريبة ولا تنثني.
[٢] البيتان للّعين المنقري في الوحشيات ٦٣، والتاج (رجز) ، وللمكعبر الضبي في حماسة البحتري ١٣.
[٣] الخبر في الأغاني ٢١/٢٢٧، والإصابة ٢٣٤١.
[٤] مسند أحمد ٣/٦، وسنن أبي داود في الأشربة ٣/٣٣٠، ومسلم صفحة ١٦٠٠، والنهاية ٢/٨٢.
[٥] الميسم: أداة الوسم. (القاموس: وسم) . القين: الحداد. (القاموس: قين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>