وإن أراد الاطلاع على ما قالته العرب من أمثال وجد الكمّ الوافر منها، وإن حثته نفسه على مطالعة فكاهة وجدها مبثوثة في صفحات متعددة من هذا الكتاب الضخم، وهذا ما يجعل كتاب الحيوان مجموعة كتب ضمها كتاب واحد.
[عملي في الكتاب:]
قسم الجاحظ كتابه إلى عدة أبواب، وهي أبواب طويلة، يكاد يصل عدد صفحات بعضها إلى حوالي مئتي صفحة، ولما رأيت الأمر كذلك رأيت أن أحافظ على تقسيمه، وإشفاع هذا التقسيم بعناوين فرعية تعطي فكرة عن مضمون الفقرة، واقتبست العناوين من مضمون كلام الجاحظ؛ وجعلتها بين قوسين معكوفتين، كما جعلت لها رقما متسلسلا؛ كنت أحيل إليه إذا تكرر شيء من هذه الفقرة في موضع آخر من الكتاب، وتركت العناوين التي وضعها الجاحظ بدون أقواس أو أرقام، وجعلتها في منتصف الصفحة، لأميزها عن العناوين التي استحدثتها.
وقد تبين لي أن الكتاب بكافة طبعاته يعتريه السقط والخلل، فأضفت إليه ما وجدته ساقطا؛ وسددت الثلم الذي اكتنف المتن، وكان من أهم المصادر التي أعانتي في استدراك السقط كتاب «ثمار القلوب» للثعالبي، وحصرت ما أضفته بين قوسين.
وخرجت الآيات والأحاديث والأقوال والآثار، وقدمت تخريجا وافيا للأشعار والأمثال والأخبار، فلم أدع قولا أو أثرا أو مثلا أو بيتا من الشعر إلا نقبت عنه في المظان المتوفرة، وهو جهد جشمني الكثير من العناء الذي رافقه الصبر والروية للتحقق مما أكتب.
ويتضح حجم الجهد الذي بذلته في سبيل إخراج هذا الكتاب من خلال الحواشي التي ذيلت بها متن الكتاب، ومن خلال المصادر التي أشفعتها بنهاية الكتاب.