ثمّ يبلغ من شدّة تعجله ومن قوّته على السّفاد، وعلى الباب الذي يفخر به الإنسان إذا كان ذا حظّ منه وهو ممّا يذكي النّفس- كنحو ما ذكر عن التّيس المراطيّ، وكنحو ما تراهم يبركون للبختيّ الفالج عدّة قلاص «١» ، فإذا ضرب الأولى فخافوا عليها أن يحطمها وهو في ذلك قد رمى بمائه مرارا أفلته الرّجال على التي تليه في القرب، حتى يأتي على الثّلاث والأربع على ذلك المثال. وما دعاهم إلى تحويله عن الثالثة إلى الرابعة إلّا تخوفهم من العجز منه.
وزعم أبو عبد الله الأبرص العمّيّ، وكان من المعتزلين، أنّ التّيس المراطي قرع في أول يوم من أوّل هيجة نيّفا وثمانين قرعة.
والنّاس يحكون ما يكون من العصفور في الساعة الواحدة من العدد الكثير.
والنّاس يدخلون هذا الشكل في باب الفضل، وفي باب شدّة العجلة وتظاهر القوّة.
والديك يكون له وحده الدّجاج الكثير، فيوسعها قمطا وسفادا.
وقد قلنا في حالة البيض الكثير التّرابي وقلبه إيّاه بسفاد إلى الحيوانيّة. وعلى أنّ الذي يخصيه إنّما يخرج له من بين الزّمكّي «٢» وموضع القطاة «٣» بيضتين عظيمتين معروفتين.
وأنا رأيت ديكا هنديّا تسنّم دجاجة هنديّة فلم يتمكّن منها، فرأيت نطفته حين مجّها- وقد زلق عن ظهرها- على مدرة «٤» ، وكانت الدار مثارة «٥» لتجعل بستانا، فإذا تلك المجّة كالبزقة البيضاء، فأخذها بعض من كان معنا فشمّها حين رأى بياضها وخثورتها وكدرتها، ليعلم هل تناسب ريحها ريح نطفة الإنسان، وريح طلع الفحّال، فلم يجد ذلك.
ثمّ معرفة الدّيك باللّيل وساعاته، وارتفاق بني آدم بمعرفته وصوته: يعرف آناء الليل وعدد الليل وعدد السّاعات، ومقادير الأوقات، ثمّ يقسّط أصواته على ذلك تقسيطا موزونا لا يغادر منه شيئا. ثمّ قد علمنا أنّ اللّيل إذا كان خمس عشرة ساعة