للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخبّرني أبو إسحاق أن هذا البيت في أبيات أخر كان أسامة صاحب روح بن أبي همّام، هو الذي كان ولّدها. فإن اتّهمت خبر أبي إسحاق فسمّ الشّاعر، وهات القصيدة، فإنّه لا يقبل في مثل هذا إلّا بيت صحيح صحيح الجوهر، من قصيدة، صحيحة لشاعر معروف. وإلّا فإن كلّ من يقول الشّعر يستطيع أن يقول خمسين بيتا كل بيت منها أجود من هذا البيت.

وأسامة هذا هو الذي قال له روح: [من مجزوء الخفيف]

اسقني يا أسامه ... من رحيق مدامه

اسقنيها فإنّي ... كافر بالقيامه

وهذا الشعر هو الذي قتله. وأمّا ما أنشدتم من قول أوس بن حجر [١] : [من الكامل]

فانقضّ كالدريء يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا

وهذا الشّعر ليس يرويه لأوس إلّا من لا يفصل بين شعر أوس بن حجر، وشريح ابن أوس. وقد طعنت الرّواة في هذا الشّعر الذي أضفتموه إلى بشر بن أبي خازم، من قوله [٢] : [من الكامل]

والعير يرهقها الخبار وجحشها ... ينقضّ خلفهما انقضاض الكوكب

فزعموا أنه ليس من عادتهم أن يصفوا عدو الحمار بانقضاض الكوكب، ولا بدن الحمار ببدن الكوكب. وقالوا: في شعر بشر مصنوع كثير، مما قد احتملته كثير من الرّواة على أنّه من صحيح شعره. فمن ذلك قصيدته التي يقول فيها [٣] : [من الوافر]

فرجّي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزيّ آبا [٤]


[١] ديوان أوس بن حجر ٣، وتقدم ص ٤٥٨.
[٢] تقدم البيت ص ٤٥٨.
[٣] ديوان بشر بن أبي خازم ٢٦ (٧٤) .
[٤] في ديوانه: «القارظ: الذي يجني القرظ؛ وهو شجر يدبغ بورقه وثمره. والقارظ العنزي: رجل من عنزة خرج يطلب القرظ فمات ولم يرجع إلى أهله. فضربته العرب مثلا للمفقود الذي يفوت فلا يرجع، وهما قارظان، ولهما حديث، انظره في مجمع الأمثال ١/٧٥، والسمط ٩٩- ١٠٠، واللسان (فرظ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>