للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنزيف هو الماء عند العرب.

وما ظنّكم بشراب خبث وملح فصار ملحا زعاقا [١] ، وبحرا أجاجا [٢] ، ولّد العنبر الورد [٣] ، وأنسل الدّرّ النفيس، فهل سمعت بنجل أكرم ممن نجله، ومن نتاج أشرف ممن نسله.

وما أحسن ما قال أبو عبّاد كاتب ابن أبي خالد حيث يقول [٤] : «ما جلس بين يديّ رجل قط، إلا تمثّل لي أنني سأجلس بين يديه. وما سرّني دهر قطّ، إلا شغلني عنه تذكر ما يليق بالدهور من الغير» .

قال الله عزّ وجلّ: يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها

[٥] . لأن الزجاج أكثر ما يمدح به أن يقال: كأنه الماء في الفيافي.

وقال الله عزّ وجلّ: هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ

[٦] .

وقال القطاميّ [٧] : [من البسيط]

وهنّ ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلّة الصّادي

وقال الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ

[٨] .

فيقال: إنه ليس شيء إلا وفيه ماء، أو قد أصابه ماء. أو خلق من ماء. والنّطفة ماء، والماء يسمى نطفة. وقال الله تعالى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ

[٩] . قال ابن عباس: موج مكفوف.

وقال عزّ وجلّ: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً

[١٠] .


[١] الزعاق: الشديد الملوحة.
[٢] الأجاج: الشديد الملوحة.
[٣] العنبر: ضرب من الطيب.
[٤] الخبر في البيان ١/٤٠٨.
[٥] ٤٤/النمل: ٢٧، والخطاب موجه إلى بلقيس، وكان سليمان قد بنى لها قصرا من الزجاج، ثمّ أرسل الماء تحته؛ وألقى فيه السمك وغيره.
[٦] ١٢/فاطر: ٣٥.
[٧] ديوان القطامي ٨١، واللسان (صدى) ، وأساس البلاغة (نبذ) .
[٨] ٤٥/النور: ٢٤.
[٩] ٧/هود: ١١.
[١٠] ٩/ق: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>