للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأعرابيّ: فلما أنشد الملك لبيد في الربيع بن زياد ما أنشد قال الربيع:

أبيت اللّعن، والله لقد نكت أمّه، قال: فقال لبيد: قد كانت لعمري يتيمة في حجرك، وأنت ربيتها، فهذا بذاك، وإلا تكن فعلت ما قلت فما أولاك بالكذب! وإن كانت هي الفاعلة فإنها من نسوة لذلك فعل. يعني بذلك أنّ نساء عبس فواجر، لأن أمه كانت عبسيّة.

والعربيّ يعاف الشيء ويهجو به غيره، فإن ابتلي بذلك فخر به. ولكنه لا يفخر به لنفسه من جهة ما هجا به صاحبه. فافهم هذه؛ فإن الناس يغلطون على العرب ويزعمون أنهم قد يمدحون الشيء الذي قد يهجون به. وهذا باطل، فإنه ليس شيء إلا وله وجهان وطرفان وطريقان.

فإذا مدحوا ذكروا أحسن الوجهين، وإذا ذمّوا ذكروا أقبح الوجهين.

والحارث بن حلّزة فخر ببكر بن وائل على تغلب، ثم عاتبهم عتابا دلّ على أنهم لا ينتصفون منهم، فقال [١] : [من الخفيف]

وأتانا عن الأراقم أنبا ... ء وخطب نعنى به ونساء [٢]

يخلطون البريء منا بذي الذّن ... ب ولا ينفع الخليّ الخلاء

زعموا أن كلّ من ضرب العي ... ر موال لنا وأنّا الولاء [٣]

إنّ إخواننا الأراقم يغلو ... ن علينا في قولهم إحفاء [٤]

ثم قال:

واتركوا الطّيخ والتّعاشي وإمّا ... تتعاشوا ففي التعاشي الدّاء [٥]

واذكروا حلف ذي المجاز وما ق ... دّم فيه، العهود والكفلاء [٦]

حذر الجور والتّعدّي وهل ين ... قض ما في المهارق الأهواء [٧]


[١] الأبيات من معلقته في شرح القصائد العشر ٣٧٩، وشرح القصائد السبع ٤٤٩.
[٢] الأراقم: أحياء من بني تغلب وبكر بن وائل.
[٣] العير: الوتد، أي كل من يضرب وتدا ألزمونا ذنبه.
[٤] الغل: تجاوز الحد. الإحفاء: الاستقصاء، أو هو من أحفيت الدابة: إذا كلفتها ما لا تطيق حتى تحفى.
[٥] الطيخ: الكبرة والعظمة. التعاشي: التعامي والتجاهل.
[٦] ذو المجاز: موضع جمع فيه عمر بن هند بكرا وتغلب، وأصلح بينهما، وأخذ منهما الوثائق والرهون.
[٧] المهارق: جمع مهرق؛ وهو الصحيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>