للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سليمان الغنويّ: الظّربان أخبث دابّة في الأرض وأهلكه لفراخ الضّبّة.

قال: فسألت زيد بن كثوة عن ذلك فقال: إي والله وللضّبّ الكبير! والظّربان دابّة فسّاءه لا يقوم لشرّ فسوها شيء، قلت: فكيف يأخذها؟ قال:

يأتي جحر الضّبّ، وهو ببابه يستروح، فإذا وجد الضّبّ ريح فسوه دخل هاربا في جحره، ومرّ هو معه من فوق الجحر مستمعا حرشه، وقد أصغى بإحدى أذنيه من فوق الأرض نحو صوته- وهو أسمع دابّة في الأرض- فإذا بلغ الضبّ منتهاه، وصار إلى أقصى جحره وكفّ حرشه استدبر جحره، ثم يفسو عليه من ذلك الموضع- وهو متى شمّه غشي عليه- فيأخذه.

قال: والظّربان واحد، والظّربان: الجميع، مثل الكروان للواحد والكروان للجميع. وأنشد قول ذي الرّمّة [١] : [من الطويل]

من آل أبي موسى ترى القوم حوله ... كأنّهم الكروان أبصرن بازيا

والعامّة لا تشكّ [في] [٢] أنّ الكروان ابن الحبارى؛ لقول الشاعر [٣] : [من الطويل]

ألم تر أنّ الزّبد بالتّمر طيّب ... وأنّ الحباري خالة الكروان

وقال غيره: الظّربان يكون على خلقة هذا الكلب الصّينيّ، وهو منتن جدّا، يدخل في جحر الضبّ فيفسو عليه، فينتن عليه بيته، حتى يذلق الضبّ من بيته، فيصيده.

والضّباب الدلالي أيضا، التي يدخل عليها السّيل فيخرجها. وأنشد [٤] : [من الرجز]

١- يا ظربانا يتعشّى ضبّا ... رأى العقاب فوقه فخبّا


[١] ديوان ذي الرمة ١٣١٣، والخزانة ٢/٣٧٧، والخصائص ٢/٢٢٢، ٣/١١٨.
[٢] إضافة تقتضيها اللغة.
[٣] البيت بلا نسبة في البيان ١/٢٣٠، ومجمع الأمثال ١/٣٦٢، والتاج (حبر) ، ومحاضرات الأدباء ٢/٢٩٩.
[٤] الرجز لهند بن أبي سفيان في الحماسة البصرية ٢/٤٠٣، والثاني والثالث بلا نسبة في اللسان والتاج (خصى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>