للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنّهم ربّما تنادوا في العسكر: قد جاؤوا، ولا بأس! فيسرج الفارس فرسه وهو مشكول ثم يركبه ويحثّه بالسّوط، ويضربه بالرّجل، فإذا رآه لا يعطيه ما يريد نزل فأحضر على رجليه، ومن وهل الجبان أن يذهل عن موضع الشّكال في قوائم فرسه.

وربما مضى باللّجام إلى عجب ذنبه [١] . وهو قوله: «يجعل الخيل كالسّفين» لأنّ لجام السفينة الذي يغمزها به والشّكال [٢] هو في الذّنب.

وقال سهل بن هارون الكاتب في المنهزمة من أصحاب ابن نهيك بالنّهروان من خيل هرثمة بن أعين: [من الطويل]

يخيّل للمهزوم إفراط روعه ... بأنّ ظهور الخيل أدنى من العطب

لأنّ الجبن يريه أنّ عدوه على رجليه أنجى له، كأنّه يرى أنّ النّجاة إنّما تكون على قدر الحمل للبدن.

وقال آخر [٣] حين اعتلّ عليه قومه في القتال بالورع: [من البسيط]

كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع النّاس إنسانا

وقال آخر [٤] : [من الطويل]

كأنّ بلاد الله وهي عريضة ... على الخائف المطلوب كفّة حابل

وقال الشّاعر [٥] : [من الوافر]

يروّعه السّرار بكلّ أرض ... مخافة أن يكون به السّرار

وأنشدني ابن رحيم القراطيسي الشاعر ورمى شاطرا بالجبن، فقال [٦] : [من م.

الوافر]

رأى في النّوم إنسانا ... فوارى نفسه أشهر


[١] عجب الذنب: أصله.
[٢] أي ما هو للسفينة بمنزلة اللجام والشكال.
[٣] البيت لقريط بن أنيف في الخزانة ٧/٤٤١، وشرح شواهد المغني ٢/٦٤٣، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٢٧، وشرحه للتبريزي ١/٥، وبلا نسبة في مجالس ثعلب ٤٠٦.
[٤] البيت لعبد الله بن الحجاج؛ أو لعبيد بن أيوب العنبري؛ أو للطرماح، وتقدم البيت مع تخريج واف في ٥/١٣٢.
[٥] البيت لبشار بن برد في ديوانه ١/٢٤٩، ولنصيب في ديوانه ٨٩، وتقدم البيت في ٥/١٣٣.
[٦] البيت بلا نسبة في عيون الأخبار ١/١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>