نهاره أخبث من ليله ... ويومه أخبث من أمسه
وليس بالمقلع عن غيّه ... حتى يدلّى القرد في رمسه
ما خلق الله شبيها له ... من جنّه طرّا ومن إنسه
والله ما الخنزير في نتنه ... من ربعه بالعشر أو خمسه
بل ريحه أطيب من ريحه ... ومسّه ألين من مسّه
ووجهه أحسن من وجهه ... ونفسه أنبل من نفسه
وعوده أكرم من عوده ... وجنسه أكرم من جنسه
وأنا حفظك الله تعالى أستظرف وضعه الخنزير بهذا المكان وفي هذا الموضع، حين يقول: وعوده أكرم من عوده.
وأيّ عود للخنزير؟! قبحه الله تعالى، وقبح من يشتهي أكله. وقال حمّاد عجرد في بشّار بن برد: [من البسيط]
إنّ ابن برد رأى رؤيا فأوّلها ... بلا مشورة إنسان ولا أثر
رأى العمى نعمة لله سابغة ... عليه، إذ كان مكفوفا عن النّظر
وقال: لو لم أكن أعمى لكنت كما ... قد كان برد أبي في الضّيق والعسر
أكدّ نفسي بالتطيين مجتهدا ... إمّا أجيرا وإمّا غير مؤتجر
أو كنت إن أنا لم أقنع بفعل أبي ... قصّاب شاء شقيّ الجدّ أو بقر
كإخوتي دائبا أشقى شقاءهم ... في الحرّ والبرد والإدلاج والبكر
فقد كفاني العمى من كلّ مكسبة ... والرّزق يأتي بأسباب من القدر
فصرت ذا نشب من غير ما طلب ... إلّا بمسألتي إذ كنت في صغري
أضمّ شيئا إلى شيء فأذخره ... ممّا أجمع من تمر ومن كسر
من كان يعرفني لو لم أكن زمنا ... أو كان يبذل لي شيئا سوى الحجر؟!
فقل له لا هداه الله من رجل ... فإنّها عرّة تربي على العرر
لقد فطنت إلى شيء تعيش به ... يا ابن الخبيثة قد أدققت في النظر
يا ابن التي نشزت عن شيخ صبيتها ... لأير ثوبان ذي الهامات والعجر
أما يكفّك عن شتمي ومنقصتي ... ما في حرامّك من نتن ومن دفر
نفتك عنها عقيل وهي صادقة ... فسل أسيدا وسل عنها أبا زفر
يا عبد أمّ الظباء المستطبّ بها ... من اللّوى، لست مولى الغرّ من مضر