يليق به غيرهما إمّا مع الملوك مكرّما، وإمّا مع النّسّاك متبتّلا، كالفيل إنما بهاؤه وجماله في مكانين: إمّا في برّية وحشيّا «١» ، وإما مركبا للملوك» .
قال «٢» : «وقد قيل في أشياء ثلاثة فضل ما بينها متفاوت: فضل المقاتل على المقاتل، وفضل الفيل على الفيل، وفضل العالم على العالم» .
وقال في كلام آخر «٣» : «فإن لم تنجع الحيلة فهو إذا القدر الذي لا يدفع، فإنّ القدر هو الذي يسلب الأسد قوّته حتى يدخله التّابوت، وهو الذي يحمل الرّجل الضّعيف على ظهر الفيل المغتلم، وهو الذي يسلّط الحوّاء على الحيّة ذات الحمة فينزع حمتها ويلعب بها.
قال «٤» : «ومن لم يرض من الدّنيا بالكفاف الذي يغنيه، وطمحت عيناه إلى ما فوق ذلك، ولم ينظر إلى ما يتخوّف أمامه، كان مثله مثل الذباب الذي ليس يرضى بالشجر والرياحين حتى يطلب الماء الذي يسيل من أذن الفيل المغتلم، فيضربه بأذنه فيهلك» .
وقال «٥» : «فأقام الجمل مع الأسد حتى إذا كان ذات يوم توجّه الأسد نحو الصيد، فلقيه فيل فقاتله قتالا شديدا، وأفلت الأسد مثقلا يسيل دما، قد جرحه الفيل بأنيابه، فكان لا يستطيع أن يطلب صيدا، فلبث الذئب والغراب وابن آوى أياما لا يجدون ما يعيشون به من فضول الأسد» .
وقال «٦» : «وكيف يرجو إخوانك عندك وفاء وكرما وأنت قد صنعت بملكك الذي كرّمك وشرّفك ما صنعت، بل مثلك في ذلك كما قال التاجر: إنّ أرضا يأكل جرذانها مائة منّ من حديد، غير مستنكر أن تخطف بزاتها الفيلة» .