مشيت إليه وادعا متمهّلا ... وقد وصلوا خرطومه بحسام
فقلت لنفسي: إنّه الفيل ضارب ... بأبيض من ماء الحديد هذام «١»
فإن تنكلي عنه فعذرك واضح ... لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام «٢»
وعند شجاع القوم أكلف فاحم ... كظلمة ليل جلّلت بقتام
[ولما رأيت السيف في رأس هضبة ... كما لاح برق من خلال غمام] «٣»
فناهشته حتى لصقت بصدره ... فلما هوى لازمت أيّ لزام
وعذت بقرنيه أريد لبانه ... وذلك من عادات كلّ محامي
فجال وهجّيراه صوت مخضرم ... وأبت بقرني يذبل وشمام «٤»
وقال هارون: [من الطويل]
ولمّا أتاني أنّهم يعقدونه ... بقائم سيف فاضل الطّول والعرض
مررت ولم أحفل بذلك منهم ... إذا كان أنف الفيل في عفر الأرض
وحين رأيت السّيف يهتزّ قائما ... ويلمع لمع الصّبح بالبلد المفضي «٥»
وصار كمخراق بكفّ حزوّر ... يصرّفه في الرّفع طورا وفي الخفض «٦»
فأقبل يفري كلّ شيء سما له ... وصرت كأنّي فوق مزلقة دحض «٧»
وأهوي لجاري فاغتنمت ذهوله ... فلاذ بقرنيه أخو ثقة محض
فجال وجال القرن في كفّ ماجد ... كثير مراس الحرب مجتنب الخفض
فطاح وولّى هاربا لا يهيده ... رطانة هنديّ برفع ولا خفض «٨»