للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: ذهب إلى المخرج، وإلى المتوضّأ، وإلى المذهب، وإلى الخلاء، وإلى الحشّ، وإنّما الحشّ القطعة من النّخل وهي الحشّان «١» . وكانوا بالمدينة إذا أرادوا قضاء الحاجة دخلوا النخل؛ لأنّ ذلك أستر، فسموا المتوضأ الحشّ، وإن كان بعيدا من النخل؛ كلّ ذلك هربا من أن يقولوا ذهب لخرء، لأنّ الاسم الخرء، وكل شيء سواه من [نجو] ورجيع وبراز وزبل وغائط فكله كناية.

ومن هذا الباب الملّة، والملّة موضع الخبزة، فسموا الخبزة باسم موضعها.

وهذا عند الأصمعيّ خطأ.

ومن هذا الشكل الراوية، والراوية هو الجمل نفسه، وهو حامل المزادة فسمّيت المزادة باسم حامل المزادة «٢» . ولهذا المعنى سمّوا حامل الشعر والحديث راوية.

ومنه قولهم: ساق إلى المرأة صداقها. قالوا: وإنّما كان يقال ذلك حين كانوا يدفعون في الصّداق إبلا، وتلك الإبل يقال لها النافجة. وقال شاعرهم: [من الطويل]

وليس تلادي من وراثة والدي ... ولا شاد مالي مستفاد النوافج «٣»

وكانوا يقولون: تهنيك النافجة. قال: فإذا كانوا يدفعون الصّداق عينا وورقا فلا يقال ساق إليها الصّداق.

ومن ذلك أنّهم كانوا يضربون على العروس البناء، كالقبّة والخيمة والخيام، على قدر الإمكان، فيقال بنى عليها، اشتقاقا من البناء، ولا يقال ذلك اليوم. والعروس إمّا أن تكون مقيمة في مكانها أو تتحوّل إلى مكان أقدم من بنائها.

قال «٤» : ومن ذلك قولهم في البغيّ المكتسبة بالفجور: قحبة، وإنّما القحاب السعال. وكانوا إذا أرادوا الكناية عن من زنت وتكسّبت بالزنى، قالوا قحبت أي سعلت، كناية. وقال الشاعر: [من مجزوء الكامل]

إنّ السّعال هو القحاب

وقال: [من الرمل]

وإذا ما قحبت واحدة ... جاوب المبعد منها فخضف «٥»

<<  <  ج: ص:  >  >>