للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان البان أن بانت سليمى ... وفي الغرب اغتراب غير دان

فاشتقّ كما ترى الاغتراب من الغرب، والبينونة من البان.

وقال جران العود [١] : [من الطويل]

جرى يوم رحنا بالجمال نزفّها ... عقاب وشحّاج من البين يبرح

فأمّا العقاب فهي منها عقوبة ... وأمّا الغراب فالغريب المطوّح

فلم يجد في العقاب إلّا العقوبة. وجعل الشّحاج هو الغراب البارح وصاحب البين، واشتقّ منه الغريب المطوّح.

ورأى السّمهريّ غرابا على بانة ينتف ريشه، فلم يجد في البان إلّا البينونة، ووجد في الغراب جميع معاني المكروه، فقال [٢] : [من الطويل]

رأيت غرابا واقعا فوق بانة ... ينتّف أعلى ريشه ويطايره

فقلت، ولو أني أشاء زجرته ... بنفسي، للنهديّ: هل أنت زاجره

فقال: غراب باغتراب من النّوى ... وبالبان بين من حبيب تعاشره

فذكر الغراب بأكثر ممّا ذكر به غيره، ثمّ ذكر بعد شأن الريش وتطايره. وقال الأعشى [٣] : [من الرمل]

ما تعيف اليوم في الطير الرّوح ... من غراب البين أو تيس برح

فجعل التّيس من الطّير، إذ تقدم ذكر الطير، وجعله من الطير في معنى التطيّر.

وقال النّابغة [٤] : [من الكامل]

زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا ... وبذاك خبّرنا الغراب الأسود


[١] ديوان جران العود ٣، والشعر والشعراء ٤٥١.
[٢] الأبيات للسمهري في الأغاني ٢١/٢٣٩، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي ١/٢١١، وأشعار اللصوص ١/٣٩، ولكثير في عيون الأخبار ١/١٤٨، وزهر الآداب ٥٢٥، والبيت الأول بلا نسبة في اللسان والتاج (نشش) ، والمخصص ٨/١٣١.
[٣] ديوان الأعشى ٢٨٧، واللسان والتاج (روح، عيف) ، وأساس البلاغة (عيف) ، والعين ٣/٢٩٢، والجمهرة ٩٣٩، ١٠٨٠، والمقاييس ٢/٤٥٥، ٤/١٩٧، والمجمل ٢/٤٣٢، والمخصص ٩/٥٧، والتهذيب ٣/٢٣١، ٥/٢٢٢، والتنبيه والإيضاح ٢/٢٤٣.
[٤] ديوان النابغة الذبياني ٨٩، والخصائص ١/٢٤٠، والأغاني ١١/٨، وبلا نسبة في اللسان (وجه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>