علّ بنيّ يشدّ الله كثرتهم ... والنّبع ينبت قضبانا فيكتهل
وقال الآخر:[من الرجز]
إنّ بنيّ صبية صيفيّون ... أفلح من كان له ربعيّون «١»
يشكو كما ترى صغر البنين، وضعف الأسر.
وما أكثر ما يطلب الرجل الولد نفاسة بماله على بني عمّه، ولإشفاقه من أن تليه القضاة وترتع فيه الأمناء، فيصير ملكا للأولياء، ويقضي به القاضي الذّمام ويصطنع به الرجال.
وربما همّ الرجل بطلب الولد لبقاء الذكر، وللرغبة في العقب، أو على جهة طلب الثواب في مباهاة المشركين، والزيادة في عدد المسلمين، أو للكسب والكفاية، وللمدافعة والنّصرة، وللامتناع، وبقاء نوع الإنسان، ولما طبع الله تعالى تعالى بني آدم عليه، من حبّ الذّرّيّة وكثرة النسل، كما طبع الله تعالى الحمام والسنانير على ذلك، وإن كان إذا جاءه الولد زاد في همّه ونصبه، وفي جبنه وبخله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الولد مجبنة مبخلة مجهلة»«٢» فيحتمل في الولد المؤن المعروفة، والهموم الموجودة لغير شيء قصد له، وليس في ذلك أكثر من طلب الطباع، ونزوع النفس إلى ذلك.
وذكر أبو الأخزر الحمّاني عير العانة بخلاف ما عليه أصحاب الزّواج من الحيوان، فقال عند ذكر سفاده:[من الرجز]
لا مبتغي الذرء ولا بالعازل
لأنّ الإنسان من بين الحيوان المزاوج، إذا كره الولد عزل، والمزاوج من أصناف الحيوانات إنّما غايتها طلب الذرء والولد. لذلك سخّرت، وله هيّئت، لما أراد الله تعالى من إتمام حوائج الإنسان. والحمار لا يطلب الولد، فيكون إفراغه في الأتان لذلك، ولا إذا كان لا يريد الولد عزل كما يعزل الإنسان، غير أنّ غايته قضاء الشهوة فقط، ليس يخطر على باله أنّ ذلك الماء يخلق منه شيء.
وروى ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال:«ليس في البهائم شيء يعمل عمل قوم لوط إلا الحمار» .