للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طباعهم وشمائلهم، ولا بدّ للهاشميّ، قبيح الوجه كان أو حسنا، أو دميما كان أو بارعا رائعا، من أن يكون لوجهه وشمائله طبائع يبين بها من جميع قريش وجميع العرب. فلقد كادت البلدة أن تنقل ذلك فتبدّله، ولقد تخيّفته وأدخلت الضّيم عليه، وبيّنت أثرها فيه فما ظنّك بصنيعها في سائر الأجناس [١] ؟! ولفساد عقولهم، ولؤم طبع بلادهم، لا تراهم مع تلك الأموال الكثيرة، والضّياع الفاشية، يحبّون من البنين والبنات ما يحبّه أوساط أهل الأمصار على الثّروة واليسار، وإن طال ذلك. والمال منبهة كما تعلمون.

وقد يكتسب الرّجل، من غيرهم، المويل [٢] اليسير، فلا يرضى لولده حتّى يفرض له المؤدّبين، ولا يرضى لنسائه مثل الذي كان يرضاه قبل ذلك. وليس في الأرض صناعة مذكورة، ولا أدب شريف؛ ولا مذهب محمود، لهم في شيء منه نصيب وإن خسّ [٣] . ولم أر بها وجنة حمراء لصبيّ ولا صبيّة، ولا دما ظاهرا ولا قريبا من ذلك. وهي قتّالة للغرباء.

وعلى أنّ حمّاها خاصّة ليست للغريب بأسرع منها إلى القريب. ووباؤها وحمّاها، في وقت انكشاف الوباء ونزوع الحمّى عن جميع البلدان.

وكلّ محموم في الأرض فإنّ حمّاه لا تنزع عنه، ولا تفارقه وفي بدنه منها بقيّة، فإذا نزعت عنه فقد أخذ منها عند نفسه البراءة، إلى أن يعود إلى الخلط، وأن يجمع في جوفه الفساد [٤] .

وليست كذلك الأهواز لأنها تعاود من نزعت عنه من غير حدث، كما تعاود أصحاب الحدث؛ لأنّهم ليسوا يؤتون من قبل النّهم [٥] ، ومن قبل الخلط والإكثار، وإنّما يؤتون من عين البلدة.

وكذلك جمعت سوق الأهواز الأفاعي في جبلها الطّاعن في منازلها، المطلّ عليها؛ والجرّارات [٦] في بيوتها ومقابرها ومنابرها. ولو كان في العالم شيء هو شرّ من


[١] الخبر في عيون الأخبار ١/٢١٩- ٢٢٠، وثمار القلوب (٧٩٢) ، ولطائف المعارف ١٧٥.
[٢] المويل: تصغير المال.
[٣] بعدها في معجم البلدان ١/٢٨٦: الأهواز: «أو دقّ أو جلّ» .
[٤] في معجم البلدان: «فإذا نزعت فقد وجد في نفسه منها البراءة، إلا أن تعود لما يجتمع في بطنه من الأخلاط الرديئة» .
[٥] في معجم البلدان: «من قبل التّخم والإكثار من الأكل وإنما يؤتون من عين البلدة» .
[٦] الجرارات: العقارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>