للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: لو أنّها أخرجت حين استحلفت بالله لما خرجت، إذ ليس بينهما قربى ولا رحم. ثمّ ذكر الحمّة والنّاب.

وقال آخرون: إنما الحيّة مثل الضبّ والضّبع، إذا سمع بالله والهدم والصّوت خرج ينظر. والحوّاء [١] إذا دنا من الجحر رفع صوته وصفّق بيديه، وأكثر من ذلك، حتى يخرج الحيّة، كما يخرج الضب والضّبع.

وقال كثيّر [٢] : [من الطويل]

وسوداء مطراق إليّ من الصّفا ... أنيّ إذا الحاوي دنا فصدا لها [٣]

والتّصدية. التّصفيق، قال الله تعالى: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً

[٤] الآية. فالمكاء: صوت بين النّفخ والصّفير، والتّصدية: تصفيق اليد باليد.

فكان الحوّاء يحتال بذلك للحيّة، ويوهم من حضر أنّه بالرّقية أخرجها، وهو في ذلك يتكلم ويعرّض، إلّا أنّ ذلك صوت رفيع. وهو لو رفع صوته ببيت شعر أو بخرافة، لكان ذلك والذي يظهر من العزيمة عند الحيّة سواء. وإنّما ينكر الصّوت، كما ينكره الضّبّ وغير ذلك من الوحش.

ثم قال [٥] : [من الطويل]

كففت يدا عنها وأرضيت سمعها ... من القول حتّى صدّقت ما وعى لها

وأشعرتها نفثا بليغا، فلو ترى ... وقد جعلت أن ترعني النّفث بالها

تسلّلتها من حيث أدركها الرّقى ... إلى الكفّ لما سالمت، وانسلالها

فقال كما ترى:

كففت يدا عنها وأرضيت سمعها

(البيت) ثم قال:

وأشعرتها نفثا بليغا فلو ترى


[١] الحواء: الذي يجمع الأفاعي. (القاموس: حوي) .
[٢] ديوان كثير ٨٥، والمعاني الكبير ٦٧٠.
[٣] الصفا: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء.
[٤] ٣٥/الأنفال: ٨.
[٥] ديوان كثير ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>