للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسنانه وتوجّعت عليه، فيلقى من ذلك الجهد، وذلك لما كان يتّصل إلى فيه من بخار الدّم، ومن ذلك السمّ المخالط لذلك الدّم. ثمّ إنّهم بعد ذلك حشوا أذناب المحاجم بالقطن، فصار القطن لا يمنع قوّة المصّ والجذب، ولم يدعه يصل إلى فم الحجام.

ثمّ إنّهم بعد مدّة سنيّات [١] أصابوا نبتة في بعض الشّعب [٢] ، فإذا عالجوا الملسوع بها حسنت حاله.

والجرّارات تألف الأخواء [٣] التي تكون بحضرة الأتاتين [٤] ، وتألف الحشوش [٥] والمواضع الناريّة. وسمّها نار.

وقيل لماسرجويه: قد نجد العقرب تلسع رجلين فتقتل أحدهما ويقتلها الآخر، وربّما نجت ولم تمت، كما أنّه ربّما عقرت ولم تفت، ونجدها تضرب رجلين في ساعة واحدة، فيختلفان في سوء الحال. ونجدها تختلف مواضع ضررها على قدر الأغذية، وعلى قدر الأزمان، وعلى قدر مواضع الجسد. ونجد واحدا يتعالج بالمسوس [٦] فيحمده، ونجد آخر يدخل يده في مدخل حارّ من غير أن يكون فيه ماء فيحمده، ونجد آخر يعالجه بالنّخالة الحارّة فيحمدها، ونجد آخر يحجم ذلك الموضع فيحمده، ونجد كلّ واحد من هؤلاء يشكو خلاف ما يوافقه، ثم إنّا نجده يعاود ذلك العلاج عند لسعة أخرى فلا يحمده! قال ماسرجويه: لما اختلفت السّموم في أنفسها بالجنس والقدر، وفي الزّمان، باختلاف ما لاقاه اختلف الذي وافقه على حسب اختلافه.

وكان يقول: إنّ قول القائل في العقرب: شرّ ما تكون حين تخرج من جحرها، ليس يعنون من ليلتها- إذ كان لا بدّ من أن يكون لها نصيب من الشدّة- ولكنّهم إنما يعنون: في أوّل ما تخرج من جحرها عند استقبال الصّيف، بعد طول مكثها في غير عالمنا وغذائنا وأنفاسنا ومعايشنا.


[١] سنيات: جمع سنية، تصغير سنة.
[٢] الشعب: جمع شعبة، وهي المسيل في الرمل، أو التلعة الصغيرة. (القاموس: شعب) .
[٣] الأخواء: جمع خوى، وهو اللين من الأرض. (القاموس: خوى) .
[٤] الأتاتين: جمع أتون، وهو موقد النار. (القاموس: أتن) .
[٥] الحشوش: جمع حش، وهو المخرج لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين. (القاموس:
حشش) .
[٦] المسوس: كل ما شفى الغليل. (القاموس: مسس) . وهو دواء يعالج به الملسوع والملدوغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>