للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعرض له الشّره عند الطعام، والبخل عليه، والشحّ العامّ في كلّ شيء، وذلك من أخلاق الصّبيان ثم النّساء.

وقال الشاعر: [من الطويل]

كأنّ أبا رومان قيسا إذا غدا ... خصيّ براذين يقاد رهيص

له معدة لا يشتكي الدهر ضعفها ... وحنجرة بالدورقين قموص

ويعرض للخصيّ سرعة الغضب، والرضا، وذلك من أخلاق الصّبيان والنّساء.

ويعرض له حبّ النميمة، وضيق الصدر بما أودع من السرّ، وذلك من أخلاق الصبيان والنساء، ويعرض له دون أخيه لأمّه وأبيه، ودون ابن عمّه وجميع رهطه، البصر بالرّفع والوضع، والكنس والرشّ، والطّرح والبسط، والصبر على الخدمة، وذلك يعرض للنساء، ويعرض له الصبر على الرّكوب، والقوّة على كثرة الركض حتّى يجاوز في ذلك رجال الأتراك وفرسان الخوارج. ومتى دفع إليه مولاه دابّته ودخل إلى الصلاة، أو ليغتسل في الحمام، أو ليعود مريضا، لم يترك أن يجري تلك الدابّة ذاهبا وجائيا، إلى رجوع مولاه إليه.

ويعرض له حبّ الرمي بالنّشّاب، للّذي يدور في نفسه من حبّ غزو الرّوم.

ويعرض له حبّ أن تملكه الملوك، على ألّا تقيم له إلّا القوت، ويكون ذلك أحبّ إليه من أن تملكه السّوقة، وإن ألحقته بعيش الملوك!!.

ومن العجب أنّهم مع خروجهم من شطر طبائع الرجال، إلى طبائع النساء، لا يعرض لهم التخنيث. وقد رأيت غير واحد من الأعراب مخنّثا متفكّكا، ومؤنثا يسيل سيلا، ورأيت عدّة مجانين مخنّثين، ورأيت ذلك في الزّنج الأقحاح. وقد خبّرني من رأى كرديّا مخنثا، ولم أر خصيّا قط مخنّثا، ولا سمعت به؛ ولا أدري كيف ذلك ولا أعرف المانع منه. ولو كان الأمر في ذلك إلى ظاهر الرأي، لقد كان ينبغي لهم أن يكون ذلك فيهم عامّا! ومما يزيدني في التعجّب من هذا الباب، كثرة ما يعرض لهم من الحلاق «١»

، مع قلّة ما يعرض لهم من التخنيث، مع مفارقتهم لشطر معاني الرجال إلى شبه النساء.

ويزعم كثير من الشيوخ المعمّرين؛ وأهل التجربة المميّزين، أنّهم اختبروا

<<  <  ج: ص:  >  >>