للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقلب أرضا، وأن النار الممازجة للماء لم تنقلب ماء. وكذلك ما كان من الماء في الحجر، ومن النار في الأرض والهواء. وأن الأجرام إنما يخفّ وزنها وتسخف [١] ، على قدر ما فيها من التخلخل [٢] ومن أجزاء الهواء. وأنها ترزن [٣] وتصلب وتمتن على قدر قلّة ذلك فيها.

ومن قال هذا القول في الأرض والماء والنار والهواء، وفيما تركّب منها من الأشجار وغير ذلك- لم يصل إلى أن يزعم أن في الأرض عرضا يحدث، وبالحرا [٤] أن يعجز عن تثبيت كون الماء والأرض والنار عرضا.

وإذا قال في تلك الأشجار بتلك القالة [٥] ، قال في الطول والعرض، والعمق، وفي التربيع والتثليث والتدوير، بجواب أصحاب الأجسام. وكما يلزم أصحاب الأعراض [٦] أصحاب الأجسام [٧] بقولهم في تثبيت السكون والحركة أن القول في حراك الحجر كالقول في سكونه- كذلك أصحاب الأجسام يلزمون كلّ من زعم أن شيئا من الأعراض لا ينقض أنّ الجسم يتغير في المذاقة والملمسة والمنظرة والمشمّة من غير لون الماء. وفي برودة نفس الأرض وتثبيتها كذلك.

ومتى وجدنا طينة مربّعة صارت مدوّرة، فليس ذلك بحدوث تدوير لم يكن.

فكان عنده تغيّره في العين أولى من تغيّر الطينة في العين من البياض إلى السواد.

وسبيل الصلابة والرّخاوة؛ والثقل والخفّة، سبيل الحلاوة والملوحة، والحرارة والبرودة.


[١] السخف: الخفة والرقة.
[٢] التخلخل: أن يكون الجسم غير متضام الأجزاء.
[٣] ترزن: تثقل.
[٤] الحرا: الجدير والخليف، وبالحرا: بالأجدر.
[٥] القالة: القول.
[٦] أصحاب الأعراض: يزعمون أن الإنسان أعراض مجتمعة؛ وكذلك الجسم أعراض مجتمعة من لون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة وغير ذلك، وهو مذهب أصحاب ضرار بن عمرو، ويعرفون بالضرارية.
انظر مروج الذهب ٧/٤٣٦، مقالات الأشعري ٢٨١، ٣٠٥، ٣١٧.
[٧] أصحاب الأجسام: يزعمون أن ليس في العالم إلا جسم، وأن الألوان والحركات ما هي إلا أجسام، وهو مذهب أصحاب هشام بن الحكم، ويعرفون بالهشامية. انظر الفصل ٥/٦٦، وما سيأتي في الفقرة (١٢٨٥) ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>