وانصرف أهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة وبايعوه، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى عليّ بالخبر، فكان عليّ إذا صلى الغداة قنت فقال: اللهم العن معاوية وعمرا وأبا الأعور، وحبيب بن مسلمة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والضحاك بن قيس، والوليد بن عقبة. فبلغ ذلك معاوية فكان يلعن عليا والأشتر، وقيس بن سعد، والحسن، والحسين، وابن عباس، وعبد الله بن جعفر، رضي الله تعالى عنهم.
حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن أبي مخنف، عن ابن أبي حرة الحنفي أن عليا خرج ذات يوم فخطب فإنه لفي خطبته إذ حكمت المحكمة في جوانب المسجد، فقال علي: كلمة حق يعزى بها - او قال: يراد بها - باطل، إنّه لا حكم إلا لله؛ ولكنهم يقولون إنه لا إمرة، ولا بدّ من أمير يعمل في امرته المؤمن ويستمع الفاجر (١) فإن سكتوا تركناهم - أو قال:
عذرناهم - وإن تكلموا حججناهم، وإن خرجوا علينا قاتلناهم، فقام يزيد بن عاصم المحاربي فقال: اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنية في ديننا، فإن ذلك إدهان وذا يرجع إلى سخط الله فخرج هو وأخوه فقتلوا بالنهروان.
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن النعمان بن راشد:
عن الزهري قال: لما قدم علي بن أبي طالب إلى الكوفة من صفين خاصمته الحرورية ستة أشهر وقالوا: شككت في أمرك وحكمت عدوك ووهنت في الجهاد، وتأولوا عليه القرآن فقالوا: قال الله: ﴿وَاللهُ يَقْضِي﴾