شككت في أمر الله وحكّمت عدوك، ونحن على أمرك الذي تركت، وأنت اليوم على غيره، فلسنا منك إلا أن تتوب منه وتشهد على نفسك بالضلالة.
فلما فرغوا من قولهم: قال علي:
أما أن أشهد على نفسي بالضلالة فمعاذ الله أن أكون ارتبت منذ أسلمت، أو ضللت منذ اهتديت، بل بنا هداكم الله من الضلالة، واستنقذكم من الكفر، وعصمكم من الجهالة، وإنما حكمت الحكمين بكتاب الله والسنة الجامعة غير المفرقة، فإن حكما بكتاب الله كنت أولى بالأمر من حكمهما، وإن حكما بغير ذلك لم يكن لهما علي وعليكم حكم.
ثم تفرقوا فأعاد إليهم عبد الله بن عباس وصعصعة فقال لهم صعصعة: اذكركم الله أن تجعلوا فتنة العام مخافة فتنة عام قابل، فقال ابن الكواء: ألستم تعلمون إني دعوتكم إلى هذا الأمر؟ فقالوا: بلى. قال:
فإني أول من أطاع هذا الرجل فإنه واعظ شفيق. فخرج معه منهم نحو من خمسمائة فدخلوا في جملة علي وجماعته، وبقي منهم نحو من خمسة آلاف رجل فقال عليّ: اتركوهم حتي يأخذوا؛ ويسفكوا دما حراما ففعل ذلك.
حدثنا ابو خيثمة، حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن الصلت بن بهرام قال: لما قدم علي الكوفة من صفين جعل يخطب الناس وجعلت الخوارج تقول - وهو على المنبر-: قبلت الدنية بالقضية، وجزعت عن البلية لا حكم إلا لله. فيقول: حكم الله انتظر فيكم. فيقولون: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ (١)، فيقول علي: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ﴾