﴿اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾ (١).
حدثني بكر بن الهيثم، حدثنا أبو الحكم العبدي، عن معمر، عن الزهري قال: أنكرت الحكومة على علي طائفة من أصحابه قدمت إلى بلدانها من صفين، وانحاز منهم اثنا عشر ألفا - ويقال ستة ألاف - إلى موضع يقال له: حروراء بناحية الكوفة فبعث إليهم علي ابن عباس وصعصعة؛ فوعظهم صعصعة. وحاجهم ابن عباس فرجع منهم ألفان وبقي الآخرون على حالهم حينا، ثم دخلوا الكوفة، فلما انقضت المدة في القضية وأراد علي توجيه أبي موسى أتاه حرقوص بن زهير التميمي وزيد بن حصين الطائي وزرعة بن البرج الطائي في جماعة من الحرورية، فقالوا: إتق الله وسر إلى عدوك وعدونا، وتب إلى الله من الخطيئة؛ وارجع عن القضية، فقال علي: أما عدوكم فإني أردتكم على قتالهم وأنتم في دارهم فتواكلتم ووهنتم وأصابكم ألم الجراح فجزعتم وعصيتموني، وأما القضية فليست بذنب ولكنها تقصير وعجز أتيتموه وأنا له كاره، وأنا أستغفر الله من كل ذنب.
فقال له زرعة: والله لئن لم تدع التحكيم في أمر الله لأجاهدنك، فقال له علي: بؤسا لك ما أشقاك؛ كأني أنظر اليك غدا صريعا تسفي عليك الرياح، قال: وددت ذلك قد كان، فانصرفوا وهم يظهرون التحكيم ويدخلون الكوفة، فإذا صلى علي وخطب حكّموا، فيقول علي: كلمة حق يعتزى بها باطل.
وبلغ يزيد بن عاصم المحاربي قول علي لزرعة بن البرج، فأتاه فقال: يا علي أتخوفنا بالقتل؛ إنا لنرجو أن نضربكم بها عن قليل غير