المسلمين وحقن دمائهم؟ قالوا: بل هذا. قال: وأما قولكم: ولم يسب ولم يغنم، أفتسبون أمكم عائشة بنت أبي بكر الصديق، قالوا: لا. قال:
وأما قولكم: محا من اسمه إمرة المؤمنين. فإن المشركين يوم الحديبية قالوا لرسول الله ﷺ: لو علمنا أنك رسول الله لم نقاتلك. فقال رسول الله ﷺ:«امح يا عليّ واكتب محمد بن عبد الله». ورسول الله خير من علي.
فرجع منهم ألفان، وأقام الأخرون على حالهم، فلما أراد على توجيه الأشعري إلى الشام لإمضاء القضية، أتاه حرقوص بن زهير السعدي، وزيد بن حصين، وزرعة بن البرّج الطائيان في جماعة فسألوه أن لا يوجه أبا موسى، وأن يسير بهم إلى الشام، فيقاتلوا معاوية وعمرو بن العاص، فأبى ذلك.
وسار أبو موسى في شهر رمضان، فاجتمع المحكمة في منزل زيد بن حصين الطائي فبايعوا عبد الله بن وهب، وكان يدعى ذا الثفنات - شبه أثر سجود بجبهته وأنفه ويديه وركبتيه بثفنات البعير - وكانت بيعتهم له لعشر خلون من شوال.
ثم خرجوا فتوافوا بالنهروان، وأقبلوا يحكمون، فقال علي: إنّ هؤلاء يقولون: لا إمرة، ولا بد من أمير يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع الفاجر، ويبلغ الكتاب الأجل، وإنها لكلمة حق يعتزون بها الباطل، فإن تكلموا حججناهم وان سكتوا غممناهم.
فلما تفرق الحكمان كتب علي إليهم وهم مجتمعون بالنهروان: إن الحكمين تفرقا على غير رضا، فارجعوا إلى ما كنتم عليه، وسيروا بنا إلى الشام للقتال، فأبوا ذلك وقالوا: لا حتى تتوب وتشهد على نفسك بالكفر.