للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتاه أمر ربّه، فاستخلف عمر، فكان من سيرته ما أنت عالم به، لم تأخذه في الله لومة لائم، ختم الله له بالشهادة، وكان من أمر عثمان ما كان حتى سار إليه قوم قتلوه لما آثر الهوى وغيّر حكم الله، ثم استخلفك الله على عباده فبايعك المؤمنون وكنت لذلك عندهم أهلا، لقرابتك بالرسول، وقدمك في الإسلام، ووردت صفين غير مداهن ولا وان، مبتذلا نفسك في مرضاة ربك فلما حميت الحرب وذهب الصالحون: عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وأشباههم اشتمل عليك من لافقه له في الدين ولا رغبة في الجهاد؛ مثل الأشعث بن قيس وأصحابه واستنزلوك حتى ركنت إلى الدنيا، حين رفعت لك المصاحف مكيدة فتسارع إليهم الذين استنزلوك، وكانت منا في ذلك هفوة ثم تداركنا الله منه برحمته، فحكمت في كتاب الله وفي نفسك، فكنت في شك من دينك وضلال عدوك وبغيه عليك، كلا والله يا بن أبي طالب، ولكنكم ﴿ظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً﴾ (١) وقلت: لي قرابة من الرسول وسابقة في الدين فلا يعدل الناس بي معاوية، فالآن فتب إلى الله وأقرّ بذنبك، فإن تفعل نكن يدك على عدوك، وإن أبيت ذلك فالله يحكم بيننا وبينك.

قالوا: وخرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة فناداهم فقال: يا عباد الله اخرجوا إلينا طلبتنا وانهضوا إلى عدوكم وعدونا معا. فقال له عبد الله بن شجرة السلمي: إن الحق قد أضاء لنا فلسنا متابعيكم أبدا أو تأتونا بمثل عمر. فقال: والله ما نعلم على الأرض مثل عمر إلا أن يكون صاحبنا، وقال لهم علي: «يا قوم انه قد غلب عليكم اللجاج والمراء واتّبعتم اهواءكم فطمح


(١) - سورة الفتح - الآية:١٢.