للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿رِباطِ الْخَيْلِ﴾ (١) وتوكلوا ﴿عَلَى اللهِ وَ كَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ (٢) ﴿وَ كَفى بِاللهِ نَصِيراً﴾ (٣) فلم يصنعوا شيئا، فتركهم أياما حتى إذا يئس منهم خطبهم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال: «يا عباد الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله إثّا قلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة بدلا وبالذّلّ والهوان من العزّ والكرامة خلقا، أكلما دعوتكم إلى الجهاد دارت أعينكم في رؤوسكم كأنكم من الموت في سكرة، وكأن قلوبكم قاسية فأنتم أسود الشرى عند الدعة؛ وحين تنادون للبأس ثعالب رواغة، تنتقص أطرافكم فلا تتحاشون ولا ينام عدوكم عنكم وأنتم في غفلة ساهون.

إن لكم عليّ حقا؛ وإن لي عليكم حقا، فأما حقكم فالنصيحة لكم ما نصحتم، وتوفير فيئكم عليكم، وأن أعلمكم كيلا تجهلوا، وأؤدبكم كيلا تغلموا، وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصح في المغيب والمشهد، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم».

وحدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن أبي مخنف، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الأزدي أن عليا خطبهم حين استنفرهم إلى الشام بعد النهروان، فلم ينفروا فقال:

«أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة قلوبهم وأهواؤهم، ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم. كلامكم يوهن الصمّ


(١) - سورة الأنفال - الآية ٦٠.
(٢) - سورة الأحزاب - الآية ٣.
(٣) - سورة النساء - الآية:٤٥.