الصلاب. وفعلكم يطمح فيكم عدوكم، إذا دعوتكم إلى الجهاد قلتم:
كيت وكيت وذيت وذيت أعاليل بأباطيل، وسألتموني التأخير فعل ذي الدّين المطول حيدي حياد، لا يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالجدّ والعزم واستشعار الصبّر، أيّ دار بعد داركم تمنعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون، المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحت لا أطمع في نصركم ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم وأبدلني بكم من هو خير لي منكم.
أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا، وإثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة؛ فيفرق جماعتكم ويبكي عيونكم، ويدخل الفقر بيوتكم، وتتمنون عن قليل أنكم رأيتموني فنصرتموني فستعلمون حق ما أقول ولا يبعد الله إلا من ظلم وأثم».
قالوا وخطبهم بعد ذلك خطبا كثيرة؛ وناجاهم وناداهم فلم يربعوا إلى دعوته (١) ولا التفتوا إلى شيء من قوله وكان يقول لهم كثيرا: «إنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا».
وقام أبو ايوب الأنصاري وذلك قبل تولية عليّ إياه المدينة بيسير فقال:
إن أمير المؤمنين قد أسمع من كانت له أذنان وقلب حفيظ، إن الله قد أكرمكم به كرامة بيّنة فاقبلوها حق قبولها، إنه أنزل ابن عم نبيكم بين ظهرانيكم يفقهّكم ويرشدكم ويدعوكم إلى ما فيه الحظ لكم.
وأما حجر بن عدي الكندي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وحبة بن جوين البجلي ثم العرني، وعبد الله بن وهب الهمداني - وهو ابن سبأ-[فإنهم