للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عليّ أصحابه ونسّاكهم فسار إليهم فقتلهم فقد فسد عليه جنده وأهل مصره ووقعت بينهم العداوة وتفرقوا أشد الفرقة، فقال معاوية للوليد بن عقبة: أترضى أخوك بأن يكون لنا عينا - وهو يضحك - فضحك الوليد وقال: إن لك في ذلك حظا ونفعا، وقال الوليد لأخيه عمارة:

فإن يك ظني بابن أمّي صادقا … عمارة لا يطلب بذحل ولا وتر

مقيم وقتّال ابن عفان حوله … يمشى بها بين الخورنق والجسر

وتمشي رخّي البال منتشر القوى … كأنّك لم تشعر بقتل أبي عمرو

ألا إن خير الناس بعد ثلاثة … قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

وحدثني العمري، عن الهيثم بن عدي، عن عوانة وغيره قالوا: لما بلغ معاوية أن عليا يدعو الناس إلى غزوه، وإعادة الحرب بينه وبينه هاله ذلك، فخرج من دمشق معسكرا وبعث إلى نواحي الشام الصرخاء ينادون: إن عليا قد أقبل إليكم وكتب إليهم كتبا قال فيها: «إنا كنا كتبنا بيننا وبين علي كتابا واشترطنا فيه شروطا، وحكمنا الرجلين ليحكما بحكم الكتاب علينا، وإن حكمي أثبتني، وخلعه حكمه، وقد أقبل إليكم ظالما ناكثا باغيا، ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ﴾ (١)، فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز، واستعدوا لها بأكمل العدّة و ﴿اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً﴾ (٢).

فاجتمعوا له من كل أوب، وأرادوا المصير إلى صفين ثانية، حتى بلغهم اختلاف أصحاب علي، وكتب إليه بذلك عمارة بن عقبة، فعسكر ينتظر ما يكون، إلى أن جاءه خبر مقتله .


(١) - سورة الفتح - الآية:٤٨.
(٢) - سورة التوبة - الآية.٤١.