فقام الناس فبايعوا عليا، واستقاموا لقيس إلا رجلا يقال له: يزيد بن الحارث، وكان معتزلا في قرية هناك، فبعث إلى قيس: إنا لا نبايعك ولا ننتزي عليك في سلطانك، فابعث عاملك فإن الأرض أرضك، ولكنا نتوقف حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس.
ووثب مسلمة بن مخلد الساعدي من الأنصار؛ فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدمه، فأرسل إليه قيس ويحك أعليّ تثب؟ فو الله ما أحبّ أن أقتلك ولي ملك مصر والشام. فكفّ، فتاركه، وجبى قيس الخراج وليس أحد ينازعه.
وسار علي إلى الجمل، وقيس بمصر، وصار من البصرة إلى الكوفة وهو بمكانه، فكان أثقل خلق الله على معاوية، فكتب إليه قبل خروجه إلى صفين:«إنكم نقمتم على عثمان إثرة رأيتموها وأشياء سوى ذلك أنكرتموها، وأنتم تعلمون أن دمه لم يكن لكم حلالا، فركبتم عظيما وجئتم أمرا إدّا، فأما صاحبك فقد استيقنّا أنه الذي ألّب الناس عليه وأغراهم به وحملهم على قتله، فهو ينتفي من ذلك مرة ويقرّ به أخرى». ودعاه إلى الطلب بدم عثمان، فكتب إليه قيس:«قد فهمت كتابك، وأما قتل عثمان فإني لم أقاربه ولم أتّطف به، وأما صاحبي فلم أطلع منه على ما ذكرت، وأما ما دعوتني إليه فإن لي فيه نظرا وفكرة، وأنا كاف ولن يأتيك عني شيء تكرهه».
ثم كتب إليه معاوية كتابا آخر؛ فأجابه قيس عنه ولم يقاربه فيما أراد من الالتواء على عليّ؛ والطلب بدم عثمان، فكتب إليه معاوية: «يا يهودي بن