للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهودي». فأجابه قيس: «يا وثن بن الوثن، دخلتم في الإسلام كارهين، وخرجتم منه طائعين».

فلما يئس منه؛ كتم ما كتب به إليه وأظهر أن قيسا قد أجابه إلى المبايعة، ومتابعته على ما أراد، والدخول معه في أمره، فكتب على لسانه:

«للأمير معاوية؛ من قيس بن سعد، أما بعد فإن قتل عثمان كان حدثا في الإسلام عظيما. وقد نظرت لنفسي وديني فلم أره يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برّا تقيا، فنستغفر الله لذنوبنا ونسأله العصمة لديننا، وقد ألقيت إليك بالسلم، وأجبتك إلى قتال قتلة إمام الهدى المظلوم».

فشاع في الناس ان قيسا قد صالح معاوية وسالمه، وسار به الركبان إلى العراق؛ وبلغ ذلك عليا، فاستشار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في أمره فأشار عليه بعزله، فإنه ليروّي في ذلك، ويصدّق بما بلغه مرة، ويكذّب أخرى، حتى ورد عليه كتاب من قيس بخبر الكناني وأهل القرية التي هو فيها، وبخبر ابن مخلد، وما رأى من متاركتهم والكف عنهم. فقال له ابن جعفر: مره يا أمير المؤمنين بقتالهم لتعرف حاله في مواطاة القوم على ما تركوا من بيعتك، ويصح لك حق ما بلغك أو غير ذلك، ففعل وكتب إليه بذلك، فأجابه قيس: «إني قد عجبت من سرعتك إلى محاربة من أمرتني بمحاربته من عدوك، ومتى فعلت ذلك لم آمن أن يتساعد أعداؤك ويترافدوا ويجتمعوا من كل مكان فيغلظ الأمر، وتشتدّ الشوكة».

فقال له ابن جعفر: ألم يصح لك الآن الأمر؟ فولّ محمد بن أبي بكر، مصر يكفك أمرها، واعزل قيسا فإنه بلغني انه يقول: إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل مسلمة بن مخلد لسلطان سوء - وكان ابن جعفر أخا محمد بن أبي بكر