السكون - وضمّ إليه زهاء ألفي رجل، وأتبعه في مثل أولئك، وورد عمرو فسرح الكتائب إليه كتيبة بعد كتيبة، وجعل كنانة يستقدم فلا يلقى كتيبة إلا صبر على قتالها فيمن معه، حتى جاء معاوية بن حديج بن جفنة بن قتير السكوني في الدهم فأحيط بكنانة ومن معه من خلفهم وأمامهم، فأصيبوا ونزل كنانة فجالد بسيفه حتى قتل، وأقبل الجيش نحو محمد بن أبي بكر فتفرق عنه أصحابه حتى بقي وما معه أحد، فلما رأى ذلك خرج متعجلا فمضى على الطريق حتى انتهى إلى خربة فآوى إليها، وجاء عمرو فدخل القصر، وخرج ابن حديج في طلب ابن أبي بكر، فانتهى إلى أعلاج من القبط على قارعة الطريق فسألهم هل مرّ بهم أحد ينكرونه ويستريبون به؟ فقال أحدهم: لا والله ولكني دخلت تلك الخربة فوجدت فيها رجلا جالسا فقال ابن حديج: هو هو ورب الكعبة، فانطلقوا يركضون دوابهم حتى دخلوا عليه فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا، فأقبلوا به نحو الفسطاط، ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو وكان معه فقال: أيقتل أخي صبرا؟ ابعث إلى ابن حديج فانهه عن قتله. فبعث إليه عمرو أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر، فقال: قتلتم كنانة بن بشر وهو ابن عمي وأخليّ عن محمد، هيهات هيهات.
واستسقي محمد ماء فقال له ابن حديج: منعتم عثمان أن يشرب حتى قتلتموه صائما فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنك ظمآن حتى يلقاك الله بالحميم والغساق. فقال له: ليس هذا إليك لا أم لك، أما والله لو أن سيفي في يدي ما بلغتم بي هذا - وكان ألقى سيفه ليختلط بالناس فلا يعرف - فقال معاوية بن حديج: إني قاتلك بعثمان الخليفة المظلوم،