وكتب معقل إلى عليّ: أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين أنا دفعنا إلى عدونا بالأسياف فوجدناهم قبائل ذات عدد وحدّ وجدّ، قد جمعوا لنا وتحازبوا علينا، فدعوناهم إلى الجماعة وبصّرناهم الرشد، ورفعنا لهم راية أمان ففاءت منهم إلينا طائفة، وبقيت طائفة أخرى منابذة فقاتلناهم، فضرب الله وجوههم ونصرنا عليهم، فأما من كان مسلما فمننا عليه وأخذنا بيعته وقبضنا صدقة ماله، وأما من ارتد فإنا عرضنا عليه الإسلام فأسلموا إلا رجلا واحدا فقتلناه، وأما النصارى فإنا سبيناهم وأقبلنا بهم ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذمة؛ كيلا يمنعوا الجزية ويجترئوا على قتال أهل القبلة.
وكان مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملا على أردشير خرّة من فارس، فمرّ بهم عليه وهم خمسمائة إنسان فصاحوا إليه يا أبا الفضل يا فكاك العناة وحمال الأثقال وغياث المعصبين امنن علينا وافتدنا فأعتقنا - وكانت كنية مصقلة أبو الفضيل ولكنهم كرهوا تصغيرها - فوجّه مصقلة إلى معقل بن قيس من يسأل بيعتهم منه، فسامه معقل بهم ألف ألف درهم، فلم يزل يراوضه ويستنقصه حتى سلمهم إليه بخمسمائة ألف درهم، ويقال بأربعمائة ألف درهم ودفعهم إليه، فلما صاروا إلى مصقلة قال له معقل: عليّ بالمال.
فقال: أنا باعث منه في وقتي هذا بصدر ثم متبعه صدرا حتى لا يبقى عليّ شيء منه.
وقدم معقل على عليّ فأخبره الخبر؛ فصوبّه فيما صنع، وامتنع مصقلة من البعثة بشيء من المال وكسره وخلى سبيل الأسرى فكتب عليّ في حمله وأنفذ الكتاب مع أبي حرة الحنفي وأمره بأخذه بحمل ذلك المال فإن لم يفعل