للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعظم مما نخاف من حرب معاوية في الدنيا.

فلما أصبحوا سارت الأزد بزياد بن أبي سفيان - وكان يومئذ ينتسب إلى عبيد - وسار جارية بمن قدم معه ومن سارع إليه من بني تميم؛ ودلفوا إلى ابن الحضرمي، وعلى خيل ابن الحضرمي عبد الله بن خازم السّلمي فاقتتلوا ساعة، وأقبل شريك بن الأعور الحارثي فصار مع جارية، فما لبثوا: ابن الحضرمي وأصحابه أن هزموهم واضطروهم إلى دار سنبيل السعدي فحصروهم فيها يومهم، وكان في الدار مع ابن الحضرمي عبد الله بن خازم، فجاءت أمه - وكانت اسمها عجلى وكانت حبشية - فنادته فأشرف عليها، فأخرجت ثدييها وقالت: أسألك بدريهما لما نزلت. فأبى، فقالت:

والله لتنزلن أو لأتعرنّ فأهوت بيدها إلى ثيابها، فلما رآها نزل فمضت به إلى منزلها. ويقال: إنها حسرت قناعها فإذا شعرها أبيض، ثم قالت: لئن لم تنزل لأتعرّن.

قالوا: وأحاط جارية بن قدامة بالدار الحطب والنار فقالت الأزد:

لسنا من النار في شيء، وهم قومك وأنت أعلم. فحرقها فهلك فيها ابن الحضرمي في سبعين رجلا أحدهم عبد الرحمن بن عمير، وسمي جارية محرّقا.

فلما هلك ابن الحضرمي قالت الأزد لزياد: أبقي علينا حق؟ قال:

لا. قالوا: فبرئنا من جوارك؟ قال: نعم. فانصرفوا إلى رحالهم، واستقام لزياد أمره ونزل القصر وحول إليه بيت المال، وكتب بالفتح إلى علي مع ظبيان بن عمارة: «أما بعد فإن العبد الصالح جارية بن قدامة قدم من عندك فيمن أنهدت معه؛ فناهض جمع ابن الحضرمي ففضه ثم اضطر ابن