للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إنه كان معهم متنكرا فطرقوه ليلا، فجعل يقول - حين ضربوه - يا تميم ولا تميم، يا حنظلة ولا حنظلة، يا مجاشع ولا مجاشع، وحمل إلى الأزد؛ فدفن هناك فقبره في الأزد.

قالوا: ولما أتى عليا كتاب زياد؛ بمقتل أعين بن ضبيعة، دعا جارية بن قدامة التميمي - وكان قبله أشخصه ابن عباس إليه لمحاربة أهل النهروان، فلم ينصرف إلى البصرة - فقال له: إن قومك بدّلوا ونكثوا ونقضوا بيعتي، ومن العجب أن تمنع الأزد عاملي وتشاقني مضر؛ وتنابذني؟ فقال: يا أمير المؤمنين ابعثني فبعثه.

فلما قدم البصرة بدأ بزياد؛ فسلم عليه، فحذره زياد ما لقي صاحبه، فخرج جارية فقام في الأزد فجزاهم الخير، وقال: عرفتم الحق إذ جهله غيركم وحفظتموه إذ ضيعوه، وقرأ كتابا كتبه عليّ إلى أهل البصرة معه يوبخهم فيه أشدّ التوبيخ، ويعنفهم أشد التعنيف، ويتوعدهم بالمسير إليهم إن ألجأوه إلى ذلك حتى يوقع بهم وقعة تكون وقعة يوم الجمل عندها لقعه ببعره (١).

وكان صبرة حاضرا لقراءة الكتاب فقال: سمعا وطاعة، نحن لمن حارب أمير المؤمنين حرب، ولمن سالم سلم.

وقام أبو صفرة فقال لزياد: والله لو أدركت الجمل ما قاتل قومي عليا، وهو يوم بيوم، وأمر بأمر، والله إلى الجزاء بالحسنى أسرع منه إلى المكافاة بالسوء، والتوبة مع الحوبة والعفو مع الندم.

وقال صبرة - أو غيره-: إنا والله نخاف من حرب عليّ في الآخرة؛


(١) - لقعه ببعره: رماه بها. النهاية لابن الأثير.