للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتعرى، فلما رأى ذلك من شأنها نزل، فوهن أمر ابن الحضرمي في نفسه، وطلب الأمان فلم يعطه، وأمر جارية بجمع الحطب حول الدار، فنقل ما بلغ أعلى الحيطان ثم أشعل فيه النّار وأعان ذلك بالهدم، فاحترق ابن الحضرمي، ومن كان معه، وعاد زياد إلى دار الإمارة، فقال بعض الأزد - وقال المدائني: قالها العرندس-:

أجرنا زيادا وقد أصفقت … عليه تميم وخاف العطب

فلما رأوا أننا دونه … وقد خام عنه جميع العرب

عوى الحضرمي عواء الكلاب … وبصبص من خوفنا بالذنب

ومن كانت الأزد أنصاره … أصاب بنصرتهم ما طلب

رددنا زيادا إلى داره … ودار تميم رماد ذهب

وقال أبو الاسود الدولي:

أبي الله إلا أن للأزد فضلها … وأنهم أوتاد كل بلاد

أجاروا زيادا حين أسلم نفسه … إليهم وكان الرأي رأي زياد

فأصبح في الحدّان والأزد دونه … بسمر كأشطان الجرور حداد

له منبر يرقاه في كل جمعة … وآلة ملك شرطة ومناد (١)

وحثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: لما كان يوم الدار - يعني دار ابن الحضرمي - أشرفوا على ابن أبي بكرة فجعلوا يسبّونه، فقال لهم جارية بن قدامة: لا تؤذوا أبا بكرة ولا تقولوا له


(١) - في هامش الأصل أراد المؤذن. ولم ترد هذه الأبيات في ديوان أبي الأسود.