للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لا يهاب القتل وسفك الدماء - وأخذ طريق السماوة منصرفا، فلما بلغ عليا خبره قام في أهل الكوفة خطيبا فدعاهم إلى الخروج لقتال عدوّهم ومنع حريمهم، فردّوا عليه ردّا ضعيفا ورأى منهم فشلا وعجزا، فقال: «وددت والله أنّ لي بكلّ عشرة منكم رجلا من أهل الشام، وأنيّ صرفتكم كما يصرف الذهب، ولوددت أنيّ لقيتهم على بصيرتي فأراحني الله من مقاساتكم ومداراتكم كما يداري البكار العمدة والثياب المنهرئة كلما خيطت من جانب تهتكت من جانب.

ثم خرج يمشي إلى نحو الغريّين، حتى لحقه عبد الله بن جعفر؛ بدابة فركبها ولحقه الناس بعد، فسرّح لطلبه حجر بن عدي الكندي في أربعة آلاف أعطاهم خمسين درهما خمسين درهما.

فسار حجر حتى لحق الضحاك نحو تدمر فقاتله فأصاب من أصحابه تسعة عشر رجلا - ويقال: سبعة عشر رجلا - وقتل من أصحاب عليّ رجلان يقال: إنهما عبد الله وعبد الرحمن ابنا حوزة - وهما من الأزد - وحجز الليل بينهم فهرب الضحاك في الليل، وأقام حجر يوما أو يومين فلم يلق أحدا فانصرف.

وحدثني عبد الله بن صالح المقرئ، حدثني أبو بكر بن عياش، أنبأنا أبو حصين قال: خطب الضحاك بن قيس بالكوفة - وكان معاوية ولاه إياها حين مات زياد - فقال: إنه بلغني أن فيكم رجالا يشتمون أئمة الهدى وينتقصون أمير المؤمنين عثمان، والله لئن لم ينتهوا لأضعنّ فيكم سيف زياد وقلوسه (١) ثم لا تجدوني ضعيف السورة، ولا كليل الشفرة، والله إني لأول


(١) - القلس: حبل من ليف أو خوص أو غيرهما. القاموس.