للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الحسين، فلما دنا منه سلم عليه وعلى أصحابه وقاتل أصحاب ابن زياد فقتل منهم رجلين ثم قتل.

قالوا: ومضى الحسين إلى قصر ابن مقاتل (١) فنزل به فإذا هو بفسطاط مضروب فسأل عن صاحبه فقيل له: عبيد الله بن الحر الجعفي، فبعث إليه رسولا يدعوه فقال للرسول: إني والله ما خرجت من الكوفة إلاّ كراهة أن يدخلها الحسين وأنابها، فإن قاتلته كان ذلك عند الله عظيما، وإن كنت معه كنت أول قتيل في غير غناء عنه، و والله لا أراه ولا يراني.

فانتعل الحسين وأتاه فدعاه إلى الخروج معه وأعاد عليه القول الذي قاله لرسوله فقال الحسين: فإذا امتنعت من نصرتي فلا تظاهر عليّ، فقال:

أما هذا فكن آمنا منه.

ثم إنه أظهر الندم على تركه نصرة الحسين وقال في ذلك شعرا سنكتبه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وكان أنس بن الحارث الكاهلي سمع مقالة الحسين لابن الحر، وكان قدم من الكوفة بمثل ما قدم له ابن الحر، فلما خرج من عند ابن الحر سلم على الحسين وقال له: والله ما أخرجني من الكوفة إلا ما أخرج هذا من كراهة قتالك أو القتال معك ولكن الله قذف في قلبي نصرتك وشجعني على المسير معك، فقال له الحسين، فاخرج معنا راشدا محفوظا.

وأقبل الحسين حتى دخل رحله فخفق برأسه خفقة فرأى في منامه قائلا يقول: القوم يسرون والمنايا تسري إليهم. ثم سار فلم يزل يتياسر حتى


(١) - قصر كان بين عين التمر والشام قرب القطقطانة. معجم البلدان.