قال: لما وضع رأس الحسين بن علي بين يدي يزيد قال متمثلا:
يفلّقن هاما من رجال أعزّة … علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
قالوا: وأمر عبيد الله بن زياد بعلي بن الحسين فغلّ بغلّ إلى عنقه، وجهز نساءه وصبيانه، ثم سرح بهم مع محفز بن ثعلبة من عائذة قريش، وشمر بن ذي الجوشن وقوم يقولون: بعث مع محفز برأس الحسين أيضا، فلما وقفوا بباب يزيد رفع محفز صوته فقال: يا أمير المؤمنين هذا محفز بن ثعلبة أتاك باللئام الفجرة. فقال يزيد: ما تحفزت (١) عنه أمّ محفز ألأم وأفجر.
وبعث يزيد برأس الحسين إلى نسائه فأخذته عاتكة ابنته وهي أم يزيد بن عبد الملك فغسلته ودهنته وطيبته. فقال لها يزيد: ما هذا؟ قالت: بعثت إلي برأس ابن عمي شعثا فلممته وطيبته.
ودفن رأس الحسين في حائط بدمشق إما حائط القصر وإما غيره، وقال قوم: دفن في القصر حفر له وأعمق.
قالوا: وجعل يزيد ينكث بالقضيب ثغر الحسين حين وضع رأسه بين يديه، فقال أبو برزة الأسلمي: أتنكث ثغر الحسين، لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذا ربما رأيت رسول الله ﷺ يرشفه، أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وشفيعك ابن زياد، ويجيء الحسين وشفيعه محمد. ثم قام. ويقال إن هذا القائل رجل من الأنصار.
وحدثني ابن برد الأنطاكي الفقيه عن أبيه قال: ذكروا أن رجلا من
(١) - حفز يحفزه: دفعه من خلفه، وبالرمح طعنه، وعن الأمر أعجله وأزعجه، المرأة جامعها. القاموس.