واستخدم البلاذري طريقة الأسانيد على قاعدة المحدثين، لكنه قام كما فعل بعض معاصريه بدمج بعض الأسانيد والروايات بشكل متوازن.
ومادة البلاذري الإخبارية مشرقية: حجازية - عراقية - شامية، فيها عن مصر إشارات عابرة، وليس لديه ما يقوله عن بلدان المغرب والأندلس.
وكان ابن الكلبي بين أهم مصادر البلاذري، لكن مواد البلاذري أوسع وأكمل من المواد الموجودة لدى ابن الكلبي في جمهرته ولدى غيره من النسابين، وعلى هذا قدم لنا البلاذري أخبارا عن أيام العرب قبل الاسلام هامة جدا، ومع هذه الأخبار وغيرها كميات كبيرة من الشعر حتى لشعراء مشهورين مثل الفرزدق غير موجودة في ديوانه المنشور.
وصحيح أن البلاذري شهر بالهجاء، وقد يوحي هذا بخلفيات اجتماعية ناقمة، لكن يلاحظ أن حسه الاجتماعي النامي انعكس موضوعيا خلال مواد أنساب الأشراف، وحافظ البلاذري على حياده فلم يستخدم اللعن أو الشتم ولم تظهر عليه آثار الانحياز، ويشير هذا أنه امتلك طباع المؤرخ الحيادي، وفعلا لقد امتلك البلاذري طباع المؤرخ، وتميز عن غيره بإبداء آرائه في بعض الراويات وترجيح رواية أخرى.
ولقد عمّر البلاذري كما يبدو طويلا، فقد روي أنه توفي في أيام المعتمد [٢٥٦ - ٢٧٩ هـ /٨٧٠ - ٨٩٢ م] وقيل إنه عمّر حتى أيام المعتضد [٢٧٩ - ٢٨٩ هـ /٨٩٢ - ٩٠٢ م] ومن هنا قيل إنه «وسوس في أواخر أيامه فشد بالمارستان ومات فيه» وقيل إن سبب وسوسته شربه لمنقوع ثمر البلاذر، وكان يستخدم لتقوية الذاكرة، لذلك عرف بالبلاذري، ورجح ياقوت أن يكون جده هو الذي وسوس بسبب تناوله لثمر البلاذر، وأنه هو الذي عرف بالبلاذري، واستند بترجيحه على روايات نقلها عن ابن عبدوس