ومضى إلى يزيد، فلما قدم عليه أمر فأنزل منزلا وأجرى عليه ما يصلحه ويسعه، ثم دعا به وأدنى مجلسه وقرّبه حتى صار معه، ثم قال له: آجرنا الله وإياك في الحسين بن علي، فو الله لئن كان نغضك (١) لقد نغضني، ولئن كان أوجعك لقد أوجعني، ولو أني أنا الذي وليت أمره ثم لم استطع دفع الموت عنه إلا بحزّ أصابعي أو بذهاب نواظري لفديته بذلك، وإن كان قد ظلمني وقطع رحمي ولا أحسبه إلا قد بلغك أنا نقوم به فننال منه ونذمه، وأيم الله ما نفعل ذلك لئلا يكونوا الأحباء الأعزاء، ولكنا نريد إعلام الناس أنا لا نرضى إلا بأن لا ننازع أمرا خصنا الله به، وانتخبنا الله له.
فقال له ابن الحنفية: وصلك الله، ورحم حسينا وغفر له، قد علمنا أن ما نغضنا فهو لك ناغض، وما عالنا فهو لك عائل، وما حسين بأهل أن تقوم به فتقصيه وتجذبه، وأنا أسألك يا أمير المؤمنين أن لا تسمعني فيه شيئا أكرهه.
فقال يزيد: يا بن عم. لست تسمع مني فيه شيئا تكرهه، وسأله عن دينه، فقال: ما علي دين فقال يزيد لابنه خالد بن يزيد: يا بني إن عمك هذا بعيد من الخبّ واللؤم والكذب، ولو كان لبعض هؤلاء لقال: عليّ كذا وكذا، ثم أمر له بثلاثمائة ألف درهم فقبضها، ويقال انه أمر له بخمسمائة ألف، وعروض بمائة ألف درهم.
وكان يزيد يتصنع لابن الحنفية ويسأله عن الفقه والقرآن، فلما جاء ليودعه قال له: يا أبا القاسم إن كنت رأيت مني خلقا تنكره نزعت عنه، وأتيت الذي تشير به عليّ، فقال: والله لو رأيت منكرا ما وسعني إلا أن