أنهاك عنه وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم من أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيرا.
وشخص من الشام حتى ورد المدينة، فلما وثب الناس بيزيد وخلعوه ومالوا إلى ابن الزبير، وأتاهم مسلم بن عقبة المري في أهل الشام، جاء عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مطيع في رجال من قريش والأنصار فقالوا لابن الحنفية: أخرج معنا نقاتل يزيد، فقال لهم محمد بن علي: على ماذا أقاتله ولم أخلعه؟ قالوا: إنه كفر وفجر، وشرب الخمر، وفسق في الدين، فقال لهم محمد بن الحنفية: ألا تتقون الله هل رآه أحد منكم يعمل ما تذكرون، وقد صحبته أكثر مما صحبتموه فما رأيت منه سوءا.
قالوا: إنه لم يكن يطلعك على فعله. قال: أفأطلعكم أنتم عليه؟ فلئن كان فعل إنكم لشركاؤه، ولئن كان لم يطلعكم لقد شهدتم على غير ما علمتم.
فخافوا أن يثبّط قعوده الناس عن الخروج فعرضوا عليه أن يبايعوه إذكره ان يبايع لابن الزبير، فقال: لست أقاتل تابعا ولا متبوعا. قالوا:
فقد قاتلت مع أبيك. قال: وأين مثل أبي اليوم.
فأخرجوه كارها ومعه بنوه متسلحين وهو في نعل ورداء، وهو يقول:
يا قوم اتقوا الله ولا تسفكوا دماءكم. فلما رأوه غير منقاد لهم خلوه. فذهب أهل الشام ليحملوا عليه فضارب بنوه دونه فقتل ابنه القاسم بن محمد، وضرب أبو هاشم قاتل أخيه فقتله.
وأقبل ابن الحنفية إلى رحله فتجهز ثم خرج إلى مكة من فوره ذلك، فأقام بها حتى حصر عبد الله بن الزبير حصاره الأول، وهو في ذلك قاعد عنه