فخرج الى الحجاج فبايعه لعبد الملك، وأشخصه الحجاج إليه في جماعة منهم عبد الله بن عمرو بن عثمان، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وعروة بن الزبير، فلما قدم على عبد الملك أعظمه وأكرمه وبره وأقبل عليه، فحسده الحجاج على ما رأى من احتفاء عبد الملك به فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد أردت أن أضرب عنقه لولا تقدمك إلي في أمره لتأخره وتثاقله عن البيعة.
فقال له عبد الملك: مهلا يا حجاج. فسأله ابن الحنفية أن ينزع عنه سلطانه فقال: إنه لا سلطان له عليك ولا لأحد من الناس دوني، ولك في كل سنة رحلة ترفع إلي فيها حوائجك فأقضيها لك.
ويقال إنه قال: أخلني يا أمير المؤمنين. فقال: إنه ليس دون الحجاج سر. قال: فاعدني عليه فإنه يكلفني الغدوّ والرواح اليه ويعدي عليّ غرمائي قبل بيع الثمرة. فقال عبد الملك: لا سلطان لك عليه دون بلوغ الثمرة، ولا على عبد الله بن جعفر فإنهما ينتظران الغلة، أو صلتنا.
ثم انصرف من عند عبد الملك وكان معه جماعة من أصحابه منهم عامر بن واثلة أبو الطفيل، ومحمد بن نشر، ومحمد بن يزيد بن مزعل حتى قدموا المدينة.
حدثني أبو الحسن المدائني عن ابن جعدبة عن ابن كيسان قال: قال عبد الملك لابن الحنفية حين قدم عليه وهما خلوان: أتذكر فعلتك يوم الدار؟ فقال: أنشدك الله والرحم يا أمير المؤمنين. فقال: والله ما ذكرتها ولا أذكرها.