للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلبث يسيرا حتى توفي فصلى عليه ابن الحنفية، فكبّر عليه أربعا وضرب على قبره فسطاطا.

ولم يزل ابن الحنفية بالطائف حتى أقبل الحجاج بن يوسف من عند عبد الملك إلى ابن الزبير، فلما حصره عاد ابن الحنفية إلى الشعب.

وكتب إليه عبد الملك بعد مقتل مصعب بن الزبير وبعثته الحجاج: أما بعد فإذا أتاك كتابي فاخرج إلى الحجاج عاملي فبايعه. فكتب إليه: إني لا أبايع حتى يجتمع الناس عليك فاذا اجتمعوا كنت أول من يبايع.

فلما قتل عبد الله بن الزبير، وهو يومئذ بالشعب أيضا سرح أبا عبد الله الجدلي بكتاب منه إلى عبد الملك يسأله فيه الأمان لنفسه وأصحابه، وبعث اليه الحجاج يأمره بالبيعة فأبى وقال: قد كتبت الى عبد الملك كتابا، فإذا جاءني جوابه بما سألته بايعت.

قال: أو تشترط على أمير المؤمنين الشروط لتبايعنّي طائعا أو كارها؟! فأتاه عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال له: ما تريد من رجل ما نعلم في زماننا مثله. أمسك عنه حتى يأتيه كتاب ابن عمه.

وقد كان كتاب عبد الملك أتى الحجاج قبل قتل ابن الزبير يأمره فيه بالكف عن ابن الحنفية والرفق به، فأمسك الحجاج حتى قدم على ابن الحنفية رسوله أبو عبد الله الجدلي بجواب كتابه ببسط الأمان وتصديق قوله ووصف ما هو عليه في إسلامه وعفافه وفضله وقرابته وعظيم حقه، وقال له: لعمري لئن ألجأتك الى الذهاب في الأرض خائفا لقد ظلمتك وجفوتك، وقطعت رحمك، فبايع الحجاج على بركة الله، وأمره بالقدوم عليه آمنا مأمونا وفي الرحب والسّعة، والى الكرامة والاثرة والمواساة.