اللهم ألبس ابن الزبير لباس الذل والخوف، وسلط عليه وعلى أشياعه وناصريه من يسومهم مثل الذي يسوم الناس، اللهم أبلسه بخطيئته، وأجعل دائرة السوء عليه، سيروا بنا على اسم الله إلى الطائف.
فقام ابن عباس فدخل على ابن الزبير فقال له: ما ينقضي عجبي من تنزّيك على بني عبد المطلب، تخرجهم من حرم الله وهم والله أولى به وأعظم نصيبا فيه منك، إن عواقب الظلم لتردّ إلى وبال.
فقال ابن الزبير: ما منك أعجب ولكن من نفسي حين أدعك تنطق عندي ملء فيك، فقال ابن عباس: والله ما نطقت عند أحد من الولاة أخسّ منك، قد والله نطقت غلاما عند رسول الله ﷺ، وأبي بكر، ونطقت رجلا عند عمر وعثمان وعلي يروني أحقّ من نطق فيستمع لرأيي، وتقبل مشورتي، وكل هؤلاء خير منك ومن أبيك.
فقال: والله لئن كنت لي ولأهل بيتي مبغضا، لقد كتمت بغضك وبغض أهل أبيك مذ أربعون سنة. فقال ابن عباس: ذلك والله أبلغ إلى جاعرتيك (١)، بغضي والله ضرك واثمك إذ دعاك إلى ترك الصلاة على النبي ﷺ في خطبك فإذا عوتبت على ذلك قلت إن له أهيل سوء، فإذا صليت عليه تطاولت أعناقهم وسمت رؤوسهم.
فقال ابن الزبير: اخرج عني فلا تقربني. قال: أنا أزهد فيك من أن أقربك، ولأخرجنّ عنك خروج من يذمّك ويقليك. فلحق بالطائف فلم
(١) - الجاعرة: الأست أو حلقة الدبر، والجاعرتان: موضع الرقمتين من أست الحمار، ومضرب الفرس بذنبه على فخذيه، القاموس.