للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتب إليه ابن الحنفية: قد قدمنا بلادك بإذنك إذ كان ذلك لك موافقا وارتحلنا عنها إذ أنت لجوارنا كارها.

وقدم ابن الحنفية فنزل الشعب بمكة، فبعث إليه ابن الزبير: ارتحل عن هذا الشعب فما أراك منتهيا عنه أو يشعب الله لك ولأصحابك فيه أصنافا من العذاب.

وكتب إلى مصعب بن الزبير أخيه يخبره بأسماء رؤساء أصحاب ابن الحنفية ويأمره أن يسيّر نساءهم من الكوفة فسير نساء نفر منهم فيهن امرأة طفيل بن عامر بن واثلة، وهي أم سلمة بنت عمرو الكنانية، فجاءت حتى قدمت عليه فقال الطفيل في ذلك:

إن يك سيّرها مصعب … فإني إلى مصعب مذنب

أقود الكتيبة مستلئما … كأني أخو عرة (١) أجرب

عليّ دلاص تخيّرتها … وبالكف ذو رونق مقضب

سعرت عليهم مع الساعرين … نارا إذا خمدت تنقب

فلو أن يحيى به قوة … فيغزو مع القوم أو يركب

ولكن يحيى كفرخ العقاب … ريش قوادمه أزغب

فكفّ ابن الزبير عن ابن الحنفية حتى إذا حج الناس، وكان يوم النفر أرسل إليه: تنحّ عن هذا المنزل وانفر مع الناس وإلا فإني مناجزك.

فسأله معاذ بن هانئ وغيره من أصحابه أن يأذن في مقارعته، وقالوا:

قد بدأك بالظلم واضطرك وإيانا إلى الامتناع، فقال له ابن مطيع:

لا يغرنّك قول هؤلاء فإنهم قتلة أبيك وأخيك، فقال له: نصبر لقضاء الله،


(١) - العرّ والعرة: الجرب. القاموس.